387

मिस्र खादीवी इस्माइल

تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا

शैलियों

وكان الأمير حسن قد عاد من أوروبا من عهد قريب، فإن أباه أرسله أولا إلى أكسفورد، حيث قضى مدة في قسم كليتها المعروف «بكرايست تشرتش» (كنيسة المسيح)، وحاز منها في يونية سنة 1872 شهادة فخارية تعرف في تلك البلاد بشهادة

D. C. K ، واشتهر في مدة إقامته هناك بالولائم الفاخرة التي كان يولمها لزملائه وأصدقائه، وببهجة الملاهي التي كان يدعوهم إليها وكثرتها، ثم سار من أكسفورد إلى برلين، ودخل هناك بصفة ملازم ثان في فرقة الهوسار الپروسيانية، ثم غادرها بعد سنة، وعاد إلى مصر مؤقتا ليتزوج، وقد أنعم عليه برتبة القائمقامية الإكرامية.

وبينما احتفالات هذه الأعراس، وباقي الملاهي الشتوية سائرة في مجراها، كان الوزير إسماعيل صديق باشا مستمرا على المخر بسفينة الخزينة المسلمة إلى عهدته في المياه المضطربة التي ذكرناها، حتى بلغ دين الدائرة السنية السائر أربعة ملايين من الجنيهات، وبلغت ديون الحكومة السائرة ستة وعشرين مليونا، باستحقاقات يتوالى معظمها من مارس سنة 1873 إلى آخر مارس سنة 1874، ومن ضمنها حوالات بإمضاء رئيس لجنة «المقابلة»، وضمانته تبلغ قيمتها ثمانية ملايين ونصفا.

وكان الوزير يعلق آماله في سداد هذا الدين الهائل، الذي كانت فوائده بواقع 14 في المائة تقريبا، تبتلع أكثر من نصف الإيرادات العقارية على القرض العظيم العتيد.

ولكن أنى كان له أن يبرر ضرورته بعد انتهاكه حرمة التعهدات التي تعهد بها قانون «المقابلة»، وتعهد بها هو نفسه في عدد «الوقائع الرسمية» الصادر في 14 أكتوبر سنة 1871؟

مهما كان جبينه من نحاس، فإنه لم يستطع حمل نفسه على عمل ذلك بشخصه، وعليه فإنه بعد أن أشار على مولاه بعقد مجلس النواب، لنيل التصديق منه على ما جرى، رجا منه أن ينيط بشريف باشا وزير الداخلية أمر عرض الحال كما هي على تلك الهيئة النيابية.

فأمر المجلس بالالتئام، وفي جلساته المتوالية في شهري مارس وأبريل من سنة 1873 قام شريف باشا بالمهمة الثقيلة التي ألقي عبؤها عليه، إرضاء لمولاه، بالرغم من امتعاض نفسه.

فتلا على المجلس تقريرا وافيا من وضع إسماعيل صديق باشا، ذكر فيه «إن الأقراض المختلفة التي أقدمت الحكومة المصرية عليها لم تكن شيئا يذكر بجانب الأعمال المفيدة العظيمة التي أجرتها في البلاد، كإقامة الكباري والجسور والخزانات، ومد خطوط السكك الحديدية والتلغرافات وغيرها، ولئن بلغ الدين السائر خمسة وعشرين مليونا ونصفا من الجنيهات، فما شيء أسهل من تبرير الدواعي التي أوجبته فإن إنشاء ترعة السويس، وثمن الأسهم المأخوذة من الحكومة في شركتها، والتعويض الذي دفع لهذه الشركة بناء على تحكيم الإمبراطور نابليون الثالث، ومشتري الترعة الحلوة من الشركة عينها وتتميمها، ومشتري تفتيش الوادي منها أيضا - كل ذلك كلف الحكومة مبلغ ستة عشر مليونا وثمانمائة ألف من الجنيهات، وتصفية الشركتين الزراعية والعزيزية كلف ثلاثة ملايين ونصفا، وما صرفته الحكومة لمعالجة أضرار طاعون المواشي بلغ كذلك، ثلاثة ملايين، وما سددته عن المزارعين بما هو معروف باسم أذونات القرى بلغ ثلاثة ملايين أيضا، وما تنازلت عنه من الضرائب للمصابين بشراقي سنة 1865 وسنة 1867 بلغ مليونا ومائتي ألف جنيه، فالمجموع خمسة وعشرون مليونا ونصف، أي مبلغ الدين السائر وهو دين يستهلكه مع فوائده ما يرد أولا فأولا إلى الخزينة من جراء تنفيذ قانون «المقابلة».

على أن هناك أمرا جديرا بالاعتبار وهو أن قيمة مجموع الصادرات زادت على قيمة مجموع الواردات، منذ ارتقاء سمو الخديو عرش أبيه وجده، بما ينوف على سبعين مليونا من الجنيهات. فإذا علم أنه لم يدفع من هذا المبلغ الجسيم الذي دخل جيوب الأهالي سوى عشرين مليونا فقط لأوروبا لاستهلاك مبالغ الإقراض، كان مبلغ النقود الباقية في البلاد، مما ورد إليها من الخارج فقط، خمسين مليونا من الجنيهات. ومما يؤسف له أن البلاد لا تستفيد شيئا مطلقا من هذا المبلغ الهائل، لعدم استغلاله، فيجدر - والحالة هذه - بالمجلس الموقر أن يتخذ الاحتياطات اللازمة لملافاة هذا الضرر.»

وماذا كان إسماعيل صديق يقصد يا ترى من هذه الجملة الأخيرة التي ختم تقريره بها؟ أنيل التصديق، ضمنا، على القرض العظيم العتيد؟ أم أراد منها أن ترن في آذان الحائزين المزعومين لتلك الملايين الخمسة، بمثابة إنذار يزعج أعماقهم، ويذيب عزائمهم عن مقابلة ما سيستنبطه من الطرق لاستخراج ذلك المال من مدافنه بضروب واحتيالات من عندهم، لمنعه عنه، وحمايته منه؟

अज्ञात पृष्ठ