मिस्र खादीवी इस्माइल
تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
शैलियों
وبعد أن أقام الوباء ستين يوما، أخذ ابتداء من 13 أغسطس يتناقص شيئا فشيئا حتى إذا كانت أوائل سبتمبر تلاشى وزال، كعادته في المرات الأخرى التي حل فيها على القطر ضيفا ثقيلا، فكان جملة من مات به من المسلمين 5676 شخصا، ومن الأقباط 263، ومن الفرنج 165، وذلك غير 6104 أشخاص توفوا إبان فتكه بأسباب أخرى، فيكون مجموع وفيات القطر في أثناء إقامته 12429 شخصا.
ولم يفتر أستاذ الكيمياء بمدرسة الطب طول مدة الوباء، يجري اختبارات طقسية يوميا، ليقف على مقدار تأثير درجة الحرارة الجوية على كثرة انتشاره أو قلته، فثبت لديه أن القيظ الشديد يساعد على زيادة فتك مكروبه فقد لوحظ أن أشد الأيام هولا كان يومي 3 و5 يولية، وقد بلغت درجة الحرارة فيهما أعلاها، وازدادت سخونة الهواء، بما هب عليه من ريح سموم إلى حد غير معهود - وأما برودة الطقس وانحطاط درجة الحرارة فمما يوجب انحطاط همة ذلك المكروب ويساعد على زواله.
11
وأكبر دليل على قيام الإدارة الصحية والحكومة المحلية بواجباتهما، القيام الحق، هو كثرة ورود السائحين والزائرين الغربيين إلى القطر في هذا العام، عام سنة 1865، فقد بلغ عددهم 50317 سائحا، ولم يكن يبلغ نصف ذلك في السنوات السابقة، فلو أن الانتقادات والمخاوف كانت في محلها لأحجم جمهور هؤلاء عن المجيء إلى بلادنا. (4) طغيان النيل وعجزه، وما نجم عن ذلك من غلاء ومجاعات
وكأن هذه البلايا لم تكن كافية لإحراج الصدور، واستنفاد الأموال فإن فيضانات النيل في كل سني ملك (إسماعيل) تقريبا، خرجت عن طور المألوف، وأخذت تارة تزيد على المطلوب زيادة فاحشة، وطورا تقل عنه قلة محرقة.
ففي سنة 1863، مثلا ، بلغ ارتفاع النيل خمسة وعشرين ذراعا وثمانية قراريط، فهدد القطر برمته بدمار عاجل محقق، ولولا أن (إسماعيل) - كأنما أوتي علم الغيب - كان قد سبق واتخذ الحيطة لذلك منذ تبوئه العرش، بما أصدره من الأوامر المشددة على المديرين بالإسراع في إنهاء الأشغال اللازمة لحفظ الجسور، حفظا فعالا بحيث تكون على أتم ما يرام وقت الفيضان - وكثيرا ما كانت تهمل تلك الأشغال في السابق، فتصاب الزراعة والقرى بمضار جسيمة حتى في السنوات ذات الفيضان العادي - لحلت بالبلاد والعباد مصيبة تتضاءل أمام جسامتها كل مصيبة طبيعية أخرى، ولكن الإجراءات التي كان قد أمر بعملها قاومت ضغط النيل إلى أن بلغت زيادته الارتفاع العادي وفاقته قليلا، غير أن الزيادة استمرت مطردة اطرادا غريبا، فرأى (إسماعيل) وجوب إجراء أشغال تقوية أخرى في الجسور، وحضر عملها بنفسه، لئلا يهمل أحد شغلا نيط به، فحفظت البلاد بذلك من الغرق.
12
ولكي يثبت الأمير الاطمئنان في قلوب رعيته، لم يحجم عن الذهاب بنفسه لافتتاح خط سكة حديد طلخا - وهو خط يحاذي جانب عظيم منه النيل - غير أنه حدث بعد وصوله إلى طلخا بقليل، أن الحاجز الأكبر انهار، وتدفقت مياه النهر منه بغزارة، وهددت الجيزة كلها، فأمر (إسماعيل) حالا باتخاذ الاحتياطات، وإجراء التصليحات والترميمات اللازمة، فلم تمض ثلاثة أيام إلا والحاجز قد أعيد إلى حالة من المتانة خير من الأولى.
ثم اتفق بعد يومين أن جسرا آخر عند كفر الزيات انهار أيضا فغرقت مياه النيل البلد، وجملة نواح مجاورة، وجرفت خط السكة الحديدية أو كادت، ولكن بفضل عناية الأمير لم يمت أحد من الناس، ولم تهلك ماشية مطلقا، وذلك لأن (إسماعيل) كلف الجند ورجال حاشيته بما فيهم أصحاب الرتب والألقاب بالعمل على رتق الخرق وسد الثغرة، وقدم للمحتاجين كل أنواع الإسعافات التي استدعتها حالتهم من خيام ومأكولات وملابس.
13
अज्ञात पृष्ठ