وحارب العثمانيون أعظم ملوك أوربا، وطاردوهم إلى بلاد المجر، وحاصروا فيينا عاصمة النمسا، وأخذوا الجزية من الأرشيدوق فردينان، واكتسحوا البحر الأبيض إلى شواطئ آسيا، ووجهوا مطامعهم من الجهة الأخرى نحو الشرق ففتحوا العراق والشام ومصر على يد السلطان سليم الفاتح الذي نحن في صدده. (3-1) الإنكشارية
وقد تمكن العثمانيون من هذه الفتوح العظيمة بواسطة الإنكشارية، وهم جند أنشأه العثمانيون على شكل خاص لم يسبق له مثيل؛ لخلوه من عصبية تبعثه على التمرد، لأنه مؤلف من الغلمان الذين كان العثمانيون يأسرونهم في الحرب وأكثرهم من أصل مسيحي. فكان العثمانيون في أول دولتهم إذا فتحوا بلدا دخل في حوزتهم من أهله المأسورين جماعة من غلمان النصارى الذين قتل آباؤهم وأصبحوا لا نصير لهم، ولا مرجع لمآلهم، فارتأى قرة خليل وزير السلطان أورخان ثاني سلاطين آل عثمان (سنة 726-761ه) أن يربي أولئك الغلمان تربية إسلامية ويدربهم على الفنون الحربية، ويجعلهم جندا دائما لا يخشى منه التمرد؛ لأنه لا يعرف عصبية غير الدولة، ولا عملا غير الجندية، ولا دينا غير الإسلام، فجندهم وسار بهم إلى الحاج بكطاش شيخ طريقة البكطاشية بأماسيا، ليدعو لهم فدعا لهم وسماهم «يكي جري»؛ أي الجند الجديد.
ولم يكن قره خليل هذا أول من فكر في تجنيد غلمان النصارى كما يظن أكثر مؤرخي الأتراك، فإن الملك الظاهر بيبرس صاحب مصر الذي تقدم ذكره، فعل ذلك قبل تأسيس الدولة العثمانية وهو متوجه إلى دمشق سنة 665ه لملاقاة عساكره العائدة من غزوة بلاد سيس، فنزل بلدا اسمه قارا بين دمشق وحمص، فأمر بنهب أهلها النصارى وقتل كبارهم لأنهم كانوا يسرقون المسلمين ويبيعونهم سرا للصليبيين، وأخذ صبيانهم مماليك رباهم بين الأتراك في الديار المصرية، فنشئوا على الإسلام وتجندوا في الجيش التركي.
على أن قره خليل جعل للإنكشارية شروطا لم يسبق لها مثيل، فقسمهم إلى وجاقات واحدها وجاق، والوجاق يقسم إلى أورط إحداها أورطة، ولكل أورطة عدد تعرف به، ولبعضها أسماء خاصة. ويختلف عدد الجند في كل أورطة حسب العصر من 100 إلى 500، ويختلف عدد الأورط في الوجاقات بمقتضى ذلك، وأكبر ضباط الوجاق أو قائدها الأكبر يسمى «أغا» تحته سكبان باشي، تحته غيره فغيره على هذه الصورة.
الأغا:
قائد الوجاق ويقابل اللواء في هذه الأيام.
سكبان باشي:
ينوب عن الأغا في الآستانة ويقابل القائمقام اليوم.
قول كخيا أو كخيا بك:
نائب الأغا أو السكبان باشي.
अज्ञात पृष्ठ