मिर्क़ात माफ़ातीह
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح
प्रकाशक
دار الفكر
संस्करण
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م
प्रकाशक स्थान
بيروت - لبنان
كُلُّهُ لَا يُتْرَكُ كُلُّهُ وَالْمَحَبَّةُ عَلَى قَدْرِ الْمُتَابَعَةِ كَمَا أَنَّ الْمُتَابَعَةَ عَلَى قَدْرِ الْمَحَبَّةِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٣١] (مِنْ أَخْلَاقِهِمْ): الْحَمِيدَةِ (وَسِيَرِهِمُ): السَّعِيدَةِ (فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهَدْيِ الْمُسْتَقِيمِ): لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَتْبَاعَ الرَّسُولِ الْكَرِيمِ فِي الدِّينِ الْقَوِيمِ.
قَالَ الطِّيبِيُّ فِي قَوْلِهِ: " فَاعْرِفُوا لَهُمْ " قَدْ أَجْمَلَ هَاهُنَا ثُمَّ فَصَّلَ بِقَوْلِهِ: فَضْلَهُمْ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ [طه: ٢٥] وَالْمُرَادُ مِنَ الْعِرْفَانِ مَا يُلَازِمُهُ مِنْ مُتَابَعَتِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ وَالتَّخَلُّقِ بِأَخْلَاقِهِمْ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: " وَاتَّبِعُوهُمْ " عَطْفٌ عَلَى اعْرِفُوا عَلَى سَبِيلِ الْبَيَانِ، وَقَوْلُهُ: " عَلَى أَثَرِهِمْ " حَالٌ مُؤَكَّدَةٌ مِنْ فَاعِلِ " اتَّبِعُوا " نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ﴾ [التوبة: ٢٥] وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمَفْعُولِ اهـ. وَخَطَرَ بِالْبَالِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالْحَالِ أَنَّ هَذَا مِنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ﵁ شَهَادَةٌ عَلَى حَقِّيَّةِ الْأَصْحَابِ الْمُتَقَدِّمِينَ رَدًّا عَلَى الرَّافِضَةِ وَالْمُلْحِدِينَ. (رَوَاهُ رَزِينٌ) .
١٩٤ - وَعَنْ جَابِرٍ «أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ﵄، أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِنُسْخَةٍ مِنَ التَّوْرَاةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! هَذِهِ نُسْخَةٌ مِنَ التَّوْرَاةِ، فَسَكَتَ فَجَعَلَ يَقْرَأُ وَوَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَتَغَيَّرُ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ثَكِلَتْكَ الثَّوَاكِلُ! مَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ ! فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ، رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَوْ بَدَا لَكُمْ مُوسَى فَاتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ، وَلَوْ كَانَ حَيًّا وَأَدْرَكَ نُبُوَّتِي لَاتَّبَعَنِي» رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ.
ــ
١٩٤ - (وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ﵄ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِنُسْخَةٍ): بِضَمِّ النُّونِ أَيْ: بِشَيْءٍ نُسِخَ وَنُقِلَ (مِنَ التَّوْرَاةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ نُسْخَةٌ مِنَ التَّوْرَاةِ) أَيْ: فَهَلْ تَأْذَنُ لَنَا أَنْ نُطَالِعَ فِيهَا لِنَطَّلِعَ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ أَخْبَارِ الْأُمَمِ وَشَرَائِعِ مُوسَى ﵊. (فَسَكَتَ): مِنْ كَمَالِ حِلْمِهِ وَغَايَةِ لِينِهِ وَرَحْمَتِهِ (فَجَعَلَ) أَيْ: شَرَعَ عُمَرُ (يَقْرَأُ): تِلْكَ النُّسْخَةَ ظَنًّا أَنَّ السُّكُوتَ عَلَامَةُ الرِّضَا وَالْإِذْنِ (وَوَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَتَغَيَّرُ): مِنْ أَثَرِ الْغَضَبِ (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ ﵁ لِعُمَرَ: ثَكِلَتْكَ): بِكَسْرِ الْكَافِ أَيْ فَقَدَتْكَ (الثَّوَاكِلُ) أَيْ: مِنَ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَأَصْلُهُ دُعَاءٌ لِلْمَوْتِ، لَكِنَّ الْعَرَبَ تَسْتَعْمِلُهُ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ غَيْرَ قَاصِدِينَ بِهِ حَقِيقَةَ ذَلِكَ كَتَرِبَتْ يَمِينُهُ وَرَغِمَ أَنْفُهُ (مَا تَرَى): مَا: نَافِيَةٌ بِتَقْدِيرِ الِاسْتِفْهَامِ (مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ !) " مَا " هَذِهِ مَوْصُولَةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ (فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَى وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: فَعَرِفَ آثَارَ الْغَضَبِ فِيهِ (فَقَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ وَغَضَبِ رَسُولِهِ): غَضَبُ اللَّهِ تَوْطِئَةٌ لِذِكْرِ غَضَبِ رَسُولِهِ إِيذَانًا بِأَنَّ غَضَبَهُ غَضَبُهُ كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، وَإِيمَاءً إِلَى أَنَّ التَّعَوُّذَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ حَقِيقَةٌ، وَإِنَّمَا يَتَعَوَّذُ مَنْ غَضِبِ رَسُولِهِ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِغَضَبِهِ تَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا): قَالَهُ اعْتِذَارًا عَمَّا صَدَرَ عَنْهُ، وَجُمِعَ الضَّمِيرُ إِرْشَادًا لِلسَّامِعِينَ كَذَا قَالَهُ الطِّيبِيُّ، أَوْ إِيمَاءً إِلَى أَنِّي مَعَ الْحَاضِرِينَ فِي مَقَامِ الرِّضَا طَلَبًا لِلرِّضَا وَاجْتِنَابًا عَنِ الْغَضَبِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ) أَيْ: بِقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ
1 / 276