मिर्क़ात माफ़ातीह

Al-Mulla Ali al-Qari d. 1014 AH
105

मिर्क़ात माफ़ातीह

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح

प्रकाशक

دار الفكر

संस्करण संख्या

الأولى

प्रकाशन वर्ष

١٤٢٢هـ - ٢٠٠٢م

प्रकाशक स्थान

بيروت - لبنان

(وَأَبْغَضَ لِلَّهِ) كَذَلِكَ (وَأَعْطَى لِلَّهِ، وَمَنَعَ لِلَّهِ) وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَعْمَالِ، فَتَكَلَّمَ لِلَّهِ، وَسَكَتَ لِلَّهِ، وَاخْتَلَطَ بِالنَّاسِ لِلَّهِ، وَاعْتَزَلَ عَنِ الْخَلْقِ لِلَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى حَاكِيًا: ﴿إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ﴾ [الأنعام: ١٦٢] وَإِنَّمَا خَصَّ الْأَفْعَالَ الْأَرْبَعَةَ لِأَنَّهَا حُظُوظٌ نَفْسَانِيَّةٌ، إِذْ قَلَّمَا يُمَحِّضُهَا الْإِنْسَانُ لِلَّهِ، فَإِذَا مَحَّضَهَا مَعَ صُعُوبَةِ تَمْحِيضِهَا كَانَ تَمْحِيضُ غَيْرِهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى؛ وَلِذَا أَشَارَ إِلَى اسْتِكْمَالِ الدِّينِ بِتَمْحِيضِهَا بِقَوْلِهِ: (فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ) بِالنَّصْبِ أَيْ أَكْمَلَهُ، وَعُدِّيَ إِلَيْهِ لِلْمُبَالَغَةِ لِزِيَادَةِ السِّينِ الْمُسْتَدْعِيَةِ لِتَجْرِيدِهِ مِنْ نَفْسِهِ شَخْصًا آخَرَ يُطْلَبُ مِنْهُ إِكْمَالُ الْإِيمَانِ، وَنَظِيرُهُ: ﴿وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [البقرة: ٨٩] أَيْ يَطْلُبُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمُ الْفَتْحَ عَلَيْهِمْ، وَقِيلَ بِالرَّفْعِ أَيْ تَكَمَّلَ إِيمَانُهُ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) وَسَكَتَ عَلَيْهِ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.
٣١ - وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ مَعَ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ، وَفِيهِ: فَقَدِ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ ". ــ ٣١ - (وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ): لَا عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بَلْ (عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ مَعَ تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ، وَفِيهِ) أَيْ فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ، أَوْ فِي مَرْوِيِّ مُعَاذٍ (فَقَدِ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ) بِالْإِضَافَةِ.
٣٢ - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ الْحُبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. ــ ٣٢ - (وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: (أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ) أَيِ الْبَاطِنِيَّةُ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى حَقَائِقِ الْمَعْرِفَةِ وَالشُّهُودِ، فَـ " أَلْ " لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ، وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ؛ إِذِ الصَّلَاةُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ مُطْلَقًا بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَتَيْنِ. (الْحُبُّ فِي اللَّهِ) أَيْ لِوَجْهِهِ وَفِي سَبِيلِهِ (وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ) أَيْ لِأَجْلِهِ وَفِي حَقِّهِ، وَالْعَطَاءُ وَالْمَنْعُ مُتَفَرِّعَانِ عَلَى الْحُبِّ وَالْبُغْضِ؛ وَلِذَا اكْتَفَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِالْأَصْلَيْنِ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَهَذَا الرَّجُلُ الْمَجْهُولُ هُوَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ كَمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأَبِي ذَرٍّ: («أَيُّ عُرَى الْإِيمَانِ أَشْرَفُ، بَلْ أَوْثَقُ؟») قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: («الْمُوَالَاةُ فِي اللَّهِ، وَالْمُعَادَاةُ فِي اللَّهِ، وَالْحُبُّ فِي اللَّهِ، وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ») اهـ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُوَالَاةِ وَالْحُبِّ أَنَّهَا تَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَالْحُبُّ أَعَمُّ.
٣٣ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ. ــ ٣٣ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: («الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ»): تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (وَالْمُؤْمِنُ) أَيِ الْكَامِلُ (مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ): كَعَلِمَهُ أَيِ ائْتَمَنَهُ، يَعْنِي جَعَلُوهُ أَمِينًا وَصَارُوا مِنْهُ عَلَى أَمْنٍ (عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ) لِكَمَالِ أَمَانَتِهِ وَدِيَانَتِهِ، وَعَدَمِ خِيَانَتِهِ، وَحَاصِلُ الْفِقْرَتَيْنِ إِنَّمَا هُوَ التَّنْبِيهُ عَلَى تَصْحِيحِ اشْتِقَاقِ الِاسْمَيْنِ، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُتَّصِفٌ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُطَالِبَ نَفْسَهُ بِمَا هُوَ مُشْتَقٌّ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ فَهُوَ كَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَرِيمٌ وَلَا كَرَمَ لَهُ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ): قَالَ فِي التَّصْحِيحِ: هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَكُنْ بِهَذَا السِّيَاقِ فِي وَاحِدٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، بَلْ هُوَ مَقْطَعٌ فِيهَا، فَتَقَدَّمَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: («الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ») وَبَاقِيُّهُ جَاءَ مُقَطَّعًا فِي السُّنَنِ مِنْ

1 / 107