मिन नकल इला इब्दाच शरह
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
शैलियों
71 (د) ديمقريطس، أنبادقليس، أنكساغورش، أنكسمندريس
ويذكر أرسطو مجموع الطبيعيين، ديموقريطس وآله، أنبادقليس وآله وأنكساغورش وآله. مرة يكون الأهل قبل الاسم ومرة بعده. ويجعل ديموقريطس نموذجا للتساؤل حول المعرفة شكا ويقينا. فإما ألا يكون هناك شيء خارج الذهن وإما أن يكون هناك شيء له حقيقة في ذاته ولا سبيل إلى إدراكه. وفي كلتا الحالتين تستحيل المعرفة. ثم يعرض للصلة بين المعرفة والوجود في استحالة أن يكون جوهر واحد مركبا من جوهرين. وهو قول صحيح. وقد أخطأ ديموقريطس في حده الجوهر بعناصر ثلاثة؛ الشكل والوضع والترتيب. الجوهر واحد وحدوده ثلاثة. وهو ذو طبيعة واحدة، الجزء الذي لا يتجزأ، وتختلف فيما بينها بالأشكال الثلاثة.
72
والأجزاء التي لا تتجزأ من الخلاء والملاء. بعضها له هوية وهو الملاء وبعضها ليس له هوية وهو الخلاء. يصحح أرسطو قول ديموقريطس. فكل قراءة إصلاح أي إكمال وعدل كما يفعل ابن رشد مع السابقين. قد يكون رأي ديموقريطس أن الأجزاء التي تتجزأ بالقوة قبل أن تشتبك بالفعل بمعنى كون الأجزاء أزلية ثم قراءة أرسطو لها تجعلها بالفعل.
وإذا كان الطبيعيون جميعا يمثلون تيارا طبيعيا واحدا يذكر أرسطو أنبادقليس وأنكساجورش. ويتميز أنبادقليس بأنه تجاوز مطلب الطبيعيين وهو البحث عن الأصل المادي للعالم والذي وجدوه في العناصر الأربعة إلى مطلب صوري حتى تكتمل المادة والصورة. ويضع ابن رشد أنبادقليس في تاريخ الفكر الطبيعي كتيار داخل الفلسفة اليونانية ككل الطبيعيين والمثاليين. ويقرأ ما بين السطور. ويؤول كلام أنبادقليس حتى يكتشف الجديد لديه وهو البحث عن الصورة والمادة. ويعبر عما لم يعبر عنه أنبادقليس. فإذا كانت مبادئ الأسطقسات مادية لا يعمها شيء ولا يتركب منها شيء مثل الجسم. فإن المطلب الذي لم يتحقق بعد هو الأجناس والكليات المعقولة وهو ما حققه أرسطو. فأرسطو يعيد التوازن بين المحسوس والمعقول، بين الوجود والمعرفة مثل فقهاء المسلمين وابن رشد الذي جمع بين موقف الفقهاء وموقف الفلاسفة.
73
ولم يكتف أنبادقليس بالعناصر الأربعة التي قال بها الطبيعيون لأنها عناصر مادية في حاجة إلى صورة فأضاف إليها علة الكون والفساد، المحبة والعداوة؛ إذ لا يمكن أن يمر واحد من الأسباب الأربعة إلى ما لا نهاية. المحبة هنا ليست الواحد العددي عند فيثاغورس أو الصورة المفارقة عند أفلاطون بل هي شيء وسط بين المادة والصورة، مبدآن أو دافعان يعملان مع العناصر الأربعة، زيادة عليهما وليسا منفصلين عنهما، الواحد في موضوع وليس جوهرا عدديا كما يقول فيثاغورس أو كليا مشاركا للموجودات كما يقول أفلاطون، مساهمة أنبادقليس إذن هي محاولة خروجه عن نظرية العناصر المادية الأربعة إلى القول بمبادئ لا مادية وفاعلة منتقلا من التفسير الوصفي إلى التفسير العلمي ومتجاوزا التفسير المادي إلى تفسير لا مادي ودون أن يقع في التفسير الصوري عند أفلاطون وفيثاغورس.
74
ومع ذلك فمحاولة أنبادقليس بالرغم من أهميتها في محاولتها تجاوز العلم الطبيعي هي أيضا موضع نقد من أرسطو والإسكندر وابن رشد؛ فهي لا تخلو من الشك والتناقض يدفع إلى الدخول معها في نقاش وحوار، وتثير قدرا كبيرا من الافتراضات. تغلب عليها الحجج الجدلية لإيقاع الخصم في التناقض. كما انتهى الأمر بهذه الظنون والشكوك إلى الشك في العالم الخارجي وتحويل الأشياء إلى ظنون مما يجعل نقد أرسطو وابن رشد يرد الاعتبار إلى العالم الموضوعي، وينقد التشخيص والذاتية الشعبية مما يؤدي إلى الخلط بين العقل والمزاج. وإن من تغير مزاجه تغير عقله. ومن انتقل مزاجه من مزاج إلى مزاج تغير عقله من عقل إلى عقل. كما تؤدي هذه المحاولة إلى جعل الله أقل علما من غيره نظرا لتفسير مظاهر الكون والفساد في الكون بالمحبة والغلبة، وهو نقد قائم على إدخال الوافد في الموروث وتحكيم الموروث في الوافد من ابن رشد وليس من أرسطو مثل أسلوب القرآن في الحوار بين الموحد والكافر. كما تخلط هذه المحاولة بين علة الكون والفساد وبين الطباع والمحبة والغلبة مما يجعل أنبادقليس مترددا بين التفسير الطبيعي والتفسير المبدئي. وتنتهي هذه المحاولة إلى القول بأن كل شيء يفسد إلا الأسطقسات لأن الموجودات نوعان؛ فاسدة وغير فاسدة. فالأول غير فاسد لأنه خال من الغلبة وهو قول غير طبيعي، وهي نفس المعادلة. فنسبة المحبة إلى الغلبة كنسبة الواحد إلى الكثير، ولما كان الله واحدا فإنه محبة وخاليا من الغلبة. وإذا قام التركيب أو الاختلاط بناء على المحبة والعداوة فهل هما مبدآن متساويان في القوة؟ وكيف تم استثناء الواحد من الغلبة؟ وهل يتساوى الخير والشر؟ هل هما على التبادل؟ هل الكون والفساد يستويان على التبادل؟ وهل يفنى العالم ويفسد بغلبة العداوة؟ وماذا عن المحبة وانزوائها في الله وحده؟ أم هي دورة لا متناهية من كون وفساد إلى كون من جديد، من محبة إلى غلبة إلى محبة من جديد؟ ولمن تكون الكلمة الأخيرة، للكون أم للفساد، للمحبة أم للغلبة؟ ويمكن نقد أنبادقليس على الرغم أن نظريته تقوم على مفهوم الاختلاط والتركيب. هو تصور كمي مادي وليس تصورا معنويا. والحقيقة أن هذه المحاولة نموذج تشخيص الطبيعة وإسقاط الإنسانيات على الطبيعيات بالرغم من وجود الصراع في الطبيعة، الدفع، التناقض، الصراع، تحول الدين إلى كائن مشخص لا طبيعي للصراع ضد الوثنية في نشأة الدين. والآن بعد الوقوع في الوثنية المضادة، فالعودة إلى المذهب الطبيعي الأول دفاع عن التوحيد اللامشخص الذي لا يقوم على التشخيص أو التشبيه، فإذا كانت الفلسفة في الوعي الحضاري مقاصد عامة أو بواعث كلية فإنها تظهر في اتجاهات وتيارات. الحضارة قصد تاريخي والفلسفة قصد شعوري. ويظهر المطلبان في القصد الفردي والقصد الحضاري في آن واحد. هكذا يفعل أرسطو وابن رشد في تحليل الفلسفة اليونانية بناء على الوعي التاريخي.
75
अज्ञात पृष्ठ