मिन नकल इला इब्दाच शरह
من النقل إلى الإبداع (المجلد الأول النقل): (٣) الشرح: التفسير – التلخيص – الجوامع
शैलियों
ويضع معهم الفارابي المتفلسفين وليس الفلاسفة مما يدل على السخرية والاستهزاء، والقدماء مما يدل على بداية الوعي التاريخي بداية بقدماء اليونان. وأصحاب العلم الطبيعي هم الذين يفسرون أرسطو التفسير الصحيح لأنه فيلسوف طبيعي وليس إشراقيا. كما يتحدث الفارابي عن الجمهور في مقابل النحويين وأصحاب العلم الطبيعي أي اللغويين والعلماء، والجمهور أي الاستعمال الشائع العرفي وليس الاستعمال التخصصي.
ويقوم الفارابي بهذا الشرح الذي هو إعادة بناء للنص كله بتواضع العلماء دون الوقوع في الجزم والقطعية من طرفه ودون تحامل أو تجريح لأرسطو، الطرف الآخر. فالحق الذي عرفه الفارابي عرفه أرسطو. والحق لا يضاد الحق بل يوافقه ويشهد له. يكمل الفارابي الناقص، ويقدر أرسطو في النسيان والغفلة. بل إن الفارابي يراجع أرسطو وينقده ويكمله ويزيد عليه في أنواع القضايا خاصة الممكنات. أرسطو مجرد مثل يذكره الفارابي لأنه كان هو الفيلسوف في ذلك العصر، المعلم الأول. ولو كان غيره لقام الفارابي بمثل ما قام به معه. أرسطو عرض تاريخي والفارابي جوهر تاريخي. أرسطو هو الاحتمال والفارابي هو الضرورة. ويميز الفارابي بين الاسم والمسمى. يعرف المسمى ويراجع عليه أسماء أرسطو وآراءه. أرسطو يذكر أشياء والفارابي يذكرها وكل منهما يكون له آراء عنها، التعددية في الرأي والالتقاء في الشيء استطاع الفارابي الاعتماد على صحة التفسير من أجل صحة نسبة الكتاب لأرسطو وصحة أحد فصوله.
38
كما يلجأ الفارابي إلى النحويين، اليونان والعرب، فالمنطق لغة واللغة منطق. كلاهما علم واحد. الفارابي على وعي بأنه يتعامل مع فكر باللغة اليونانية، وتدل عباراته على التمايز بين الأنا والآخر، بين العرب واليونان في صياغات مثل «أما أنا»، وإضافة ضمير المتكلم الجميع، أقاويلنا أحكامنا. الفارابي على وعي بأنه يدرس ثقافة مغايرة، ثقافة اليونان باللغة اليونانية، لغة وحروفا وأوزانا، بالرغم من أنه ليس عربيا. وتظهر الأمثلة اليونانية أحيانا من أجل توضيح الفكرة من خلال الثقافة التي نشأت فيها وأحيانا تختفي. قالوس أبس اسم مركب في اليونانية قد يستعمل لإنسان مثل المنجم أو لفرس فاره، والجزء لا يدل في حالة الإنسان وإنما يدل في حالة الفرس. وهو مقال من نص أرسطو. وفيلوسوفس اسم مركب وهو نفس المثال الذي يبقيه ابن رشد في «تفسير ما بعد الطبيعة». وكذلك يقارن الفارابي بين حروف العطف والأسماء المماثلة والأسماء المعرفة بألف ولام التعريف في اليونانية والعربية. فحل المنطق في اللغة؛ لذلك يلجأ الفارابي إلى النحويين بإطلاق.
39
ويحلل الفارابي في اللغة العربية الأسماء المشتقة والمعاني المختلفة للفظ النطق كقوة نفسية ذهنية أو عضلية في اللسان. ويحلل الأفعال في أزمنتها، الماضي والحاضر والمستقبل، وإضافة كان للفعل المضارع للدلالة على الزمان الماضي، كما يبين غياب بعض الأسماء في العربية. والفرق بين الاسم والكلمة والأداة، وأداة التعريف في العربية واليونانية والفارسية، والمعاني الأربعة للام التعريف في العربية ومقارنتها بألسنة الأمم. والفارابي، وهو التركي، يعرف العربية كما يعرفها أهلها. ويسهل عليه وضع أرسطو في العربية خاصة وأن المنطق الصوري صعب الفهم؛ ومن ثم لزم تعريب القضايا وتوضيحها. ويورد الفارابي أمثلة عربية لتوضيح منطق أرسطو، وتقديم الآخر للذات حتى لا تبقى «تابو» فيشعر البعض بالنقص أمامها، ويتملقها البعض، ويرفضها البعض الثالث مثل حالنا مع الغرب الآن. ويستعمل زيد وعمرو ويحيى وعبد الملك لضرب الأمثلة في القضايا.
40
والمثال الشهير على ذلك فعل الكينونة في اللغة العربية الذي يدل على الوجود، لا يظهر في حين أنه يظهر في اللغة اليونانية كرابطة، فلا يظهر لفظ الوجود كاسم يصف الموضوع. الوجود متضمن في الموضوع ويفهم ضمنيا. لا يحتاج الوجود إلى تأكيد، ولا يوجد شيء غير موجود. الوجود ليس في حاجة إلى إثبات صريح بفعل الكينونة. والسلب يوجد في المحمول وليس في الموضوع. الوجود موجود بالقوة في الموضوع ولا يظهر بالفعل. ويكرر الفارابي نفس الحدس باعتباره حدسا رئيسيا في اللسانيات المقارنة. وقد جعله أحد رواد الفكر العربي المعاصر حدسه الأول، واستنبط منه النزعة المثالية في اللغة العربية وفي الفكر الإسلامي. ويلاحظ الفارابي ترتيب فعل الكينونة الثالث والرابع في لغات الأمم الأخرى وليس الثاني بعد الموضوع. الأفصح في العربية أن تكون الرابطة بين الموضوع والمحمول وذلك بتكرار الضمير أو يوجد في البداية وهو الأقل فصاحة وفي النهاية وهو أقلها على الإطلاق. ويمكن استعمال الكلمة الوجودية في الماضي والمستقبل، كان موجودا، سيكون موجودا. أما في المضارع يوجد فلم تجر عادة العرب على ذلك. الوجود عند العرب بالقوة وليس بالفعل متضمنا وليس صريحا، بديهيا لا يحتاج إلى إثبات. الوجود متضمن في الشيء وليس صفة خارجة عنه. وجودية العرب طبيعية من خلال تحليل اللغة وعلاقة اللغة بالفكر. وجود فعل الكينونة بالفعل عند سائر الأمم وفي سائر الألسنة على الترتيب الثاني والثالث. أما في العربية فإنه موجود بالقوة، استحالة الرابطة الوجودية في اللغة العربية ومع ذلك تسمى القضايا الوجودية.
41
وليست اللغة العربية وحدها وأحيانا اللغة السعدية. هي المقابلة للغة اليونانية بل أيضا الفارسية أي مجموع اللغات الإسلامية، والهندية والتركية مثل وجود الأسماء المركبة في اللغتين اليونانية والفارسية.
अज्ञात पृष्ठ