أظن أن هذا كثير، هذا سهم مراش يا رياشي. أما فينا من لا يسرق لأن السرقة عيب وبس؟
8 / 3 / 53
تذكر ولا تعاد
دخلت على رياض طه فرأيته ملفف الرأس كأنه مهراجا أو مطعوم نجاص ... دخلت، فإذا به - رغم ما به - لا يتخلى عن ابتسامته التقليدية. وبعد السلام والاطمئنان، قال لي مدير مال الأحد وأنباء الشرق: هل في جرابك شيء يشبه حالنا اليوم؟
قلت: ما صار شيء إلا صار مثله، وسيأتيك الخبر.
وبعد استراحة وجيزة عدت إلى قواعدي في عاليه سالما، ورحت أتذكر ماضي السعيد فتراقصت أمام عيني أشباح من حاولوا الاعتداء علي، وكان كل بطل منهم يقول: خبر عني أنا .
أخيرا وقع اختياري على معركتين لا غير، الأولى كانت في صيف 1908، والثانية كانت في ربيع عام 1912.
أعلن الدستور وقطعت الأقلام أرسانها فابتدأنا بمولانا السلطان وانتهينا بآخر باشكاتب في دواوين المتصرفية، وقعدت أتعشى ذات ليلة في مطعم المسكوبي على البرج وأنثر أحاديثي على الملتفين حولي، ممن أعجبهم مقالي: بين حانا ومانا ضاعت لحانا، في جريدة النصير التي كنت أحررها يومئذ، فشغل بالي جلف قبع في الزاوية وكان يزأرني كأنه يريد أن يأكلني بعينيه. فقلت في قلبي: هذا رجل في وجهه شر، يفتل شاربين كقرني التيس ولكنه لا يكاد يقيمهما حتى يناما، يحط دبوسه ويشيله بلا شعور، يتحلحل ثم يجمد، ولما قمت قام، ومشينا فكان يقف إذا وقفت، ويمشي إذا مشيت كأنه ينتظر الخلوة حتى يبوح لي بعواطفه ... فقلت في نفسي: الأوفق أن نفقأ الدمل على عيون الناس، فلا أقل من أن يتقدم واحد من أصحاب المروءة فيرده عني، وأعجبني رأيي فعدت إليه فجأة وقلت لأستولي على المبادرة: ماذا تريد مني؟ قل.
وحرك يده فهبط قلبي في بطني، ولكنه ما حركها إلا ليقول لي: «بدي» فك رقبتك، إذا كتبت بعد كلمة واحدة عن سيدنا الشيخ.
فقلت: وإذا لم أكتب.
अज्ञात पृष्ठ