فضحك الأمير بشير على خلاف عادته، وقال للشاب: وهبتك هذا الشيخ ولكن بدون «جليل» ... لأنه قليل الهيبة.
ثم دارت الأيام وحكم المير يوسف وعزم على قتل الشاب، فتقدم منه العم وقال: ماذا تقول عني الناس، لحية طويلة عريضة لا تحمي ابن أخيها؟!
فالتفت إليه المير يوسف وقال: قالوا إن اللحية سياج ترد عن صاحبها مسبات كثيرة ... ولكنهم لم يقولوا إنها ترد القتل عن غيره، ومع ذلك إكراما لخاطر جنابك يا شيخ لا نمسه.
أتمنى أن يكون هذا الانقسام الذي رأيته في الشوف انقسام مبادئ وعقائد لا انقساما طائفيا، أو حفظ خط الرجعة، ومسك الحبل على الطرفين ...
لقد حان أن نترك عنعناتنا تلك ونتمسك بالمبادئ التي رسخناها على صخرة ميثاقنا الوطني! ...
21 / 11 / 52
شراويل عتيقة
قال لي أحد شيوخ القرية: كان لرجل بقرة وليس عنده من يرعاها، فكان يفك خناقها عند كل شروق شمس ويحوطها باسم قديس ذلك النهار - ولكل يوم قديس عند النصارى - فكانت تروح ترعى وتجيء. ولما جاء يوم عيد جميع القديسين كبر قلب الرجل واطمأن حين أطلقها بحراستهم جميعا، ولكن البقرة راحت وما رجعت.
إن هذه الحكاية تؤيد - في نظري وحدي على الأقل - حكمة تقليل النواب؛ لأن كثرتهم - وما أستثني إلا بعضهم - ضرت الكثيرين وما نفعت إلا القليلين من المحاسيب والأنصار، أما قال المثل: كثرة الطباخين تشيط الطعام، وبيت الثنتين خرب من سنتين.
أظن أن الإقلال من النواب سيؤدي حتما إلى الإقلال من غيرهم. إذا قلت لك: إن بيوتا برمتها تعمل في مأوى الدولة أخشى أن لا تصدق، بلى صدق، كما صدقت أنا من روى لي هذه الحكاية، قال: دخلت مرة إحدى الدوائر فرأيت الأب فيها رئيس ديوان، وابنه الأكبر رئيس قلم وزوجته ضاربة على الآلة الكاتبة، وابنه الآخر حاجبا، فقلت له: جحا وأهل بيته عرس! من بقي في البيت من غير شر؟ فهز رأسه وقال: نفقنا والجبر على الله.
अज्ञात पृष्ठ