كونها موجودة في علم الله، معدومة لانفسها، إلى الوجود العيني، حتى تتعين وتظهر لنفسها ولامثالها، ولما كان الجسم الكل والهباء والطبيعة مما لا انتقال له من الوجود العلمي والحضرة الأسمائية الكلية الذاتية، لذلك قلنا: تعينت معقولية مرتبة كذا، ولم نقل ثم وجد كذا، فإنه لا يصح.
واما الذي تجدد لهذه الحقائق وأمثالها من الأسماء الأول، كون الحق سبحانه أظهر بعض معلوماته بتجليه الوجودي الواقع في عمائه بها، فانتقلت تلك المعلومات المقصودة بالتوجه الايجادي انتقالا معنويا من العلم إلى العين، وجعل هذه الحقائق الثلاث الكلية وما يشاركها من أمهات الأسماء شرطا في ذلك المعنى الايجادي الملكني عنه بالتنقل مع أنه لا تنقل هناك. ثم جعل ما أظهر بهذه الحقائق مجالي لظهور اثره سبحانه فيما سواها، وأقامها مجالي له تعالى من حيث هذه الحقائق، فهي مراتب تجليه ومنزل تدليه ومرايا ظهوره.
فالعالم المحجوب يرون الحق من وراء حجابية الحقائق المذكورة وأمثالها، ولكن بحسبها لا بحسب الحق، فيظنون ان متعلق علمهم ورؤيتهم انما هو هذه الحقائق وصورها، وان الحق غير مرئي لهم ولا معلوم الا علما جمليا، من كونه مستندهم في وجودهم - وانه واحد - لما يلزم من المفاسد لو لم يكن واحدا، ونحو هذا من احكام التنزيه اللازم لهذا التوحيد.
وطائفة أخرى أوقفت في مقابلة هؤلاء فغلب عليهم ادراك الحق في كل حقيقة، لكن على وجه غلب فيهم الحق سبحانه على امره، فذهلوا عن كون الأشياء مجاليه تعالى، وانه الظاهر فيها وحده، فنفوا الغير ولم يقروا بسوى الحق تعالى الظاهر، وإذا سئلوا عن التعددات المدركة وسببها لم يعرفوا ما هو ولا كيف هو ولم يستطيعوا جوابا.
واما الكمل والمتمكنون فشاهدوا الحق ظاهرا من حيث الوجود، والحقائق كلها
पृष्ठ 52