मातालिक तमाम
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
शैलियों
عز الأمانة أغلاها، وأرخصها ... ... ذل الخيانة، فافهم حكمة الباري(¬2) قال: فأقواها حفظ الأديان، وأضعفها حفظ الأموال، فإذا تعارض حفظ الأديان بحفظ الأموال، فمراعاة حفظ الأديان أولى، ويسقط الأبدان وما بعده حفظ الأموال، فمراعاة حفظ الأبدان وما بعده أولى من حفظ الأموال من حيث الجملة. وهذه المسألة من هذا المعنى.
أقول: مراده أنه لما كانت أموال في المرتبة الأخيرة، كان حفظ جميع ما قبلها أكد منها، فتحفظ تلك الأمور كلها بالمال. فهذا نص أن العقوبة المالية تكون في جميع ما قبل. المال من الكليات المتفق عليها، فشرع الخطايا لحفظها. فعلى هذا تكون الخطايا في الردة والقتل والجرح وشرب الخمر والزنا والقذف.
والكلام على هذا، مع ما فيه من الفضائح، وأخذ المال في الجميع اما مع الحدود أو دونها، ومراغمة الشرع بكل وجه، وفساد الحكمة من الردع بالأهون والأخف على النفوس من الأصعب والأشد عليها. وهو، كما سبق غير مرة، ينقلب سببا لوقوع الفساد وكثرته، فإن النفس تفدى بكل شيء، ولا شك أن كثيرا من العلم يضر كثيرا من الناس، كما تضر رياح الورد بالجعل.
ويعمي بصائرهم، كما يعمي الخفاش نور الشمس، فليث الإنسان إذا حاول أمرا، فصعب عليه تركه، واشتغل بما يقدر عليه، فالعلم رحمة قسمها بنفسه، ولم يكل قسمتها إلى غيره، والفهم نور الله الذي يمد به من يشاء من عباده، كما قسم الأرزاق سبحانه: "نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا، ورحمة ربك خير مما يجمعون"(¬1).
ولله در الأصمعي، فإنه رغب إلى الخليل في تعليم العروض، فزاوله معه، فرأى بعدا عن فهمه، فقال له يوما كيف تقطع:
إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع(¬2)
فترك ذلك.
पृष्ठ 181