मातालिक तमाम
مطالع التمام ونصائح الأنام ومنجاة الخواص والعوام في رد إباحة إغرام ذوي الجنايات والإجرام زيادة على ما شرع الله من الحدود والأحكام
शैलियों
وذلك من أسرار ما قص علينا من أخبارهما، وبقي بأيدينا من أنبائهما وآثارهما، ولم يحد ذلك، أعني ما اتفق من الخضر عليه السلام عن أمر الذي بيده النقض والإبرام، من خرق السفينة، وإقامة الجدار وقتل الغلام، لما يتوقع من غضب هذه ورفق هذين وخروج هذا عن الإيمان والإسلام لولا أمر الذي بيده تدبير الأنام، مجري الشرع والمشروع، والقانون الموضوع، والمنهج المتبوع، لما يلزم عليه من قتل ما لم يجن قبل جنايته وإتلاف البريء قبل غوايته، وإهلاك كذا دفعا لما يتوقع من آفاته، والتصرف في ملك الغير اعتمادا على غايته. وهذا معنى لم يرسم في الشرائع، وإنما هو لعمر الله من الأحكام المخصوصة بخصوص الوقائع، توجه فيها الأمر الإلهي، وثبت الأمر على ما علم من العلم أللدني.ومثل هذا تولى الرب سبحانه صنعه، ولا جعله سبيلا لخلقه ولا شرعه، وهذا من أسرار التعقيب بقول:" وما فعلته عن أمري" لأن البناء الأول وهو أن السفينة كانت لمساكين يعملون في البحر وراءهم غاصب يأخذ كل سفينة صالحة غصبا، وأن الجدار تحته كنز يستخرجه صاحباه، أبيح للمرء خرقها قبل أن يأذن أهلها، ولا قامته قبل أن يأذن صاحباه، ولو كان ذلك عائدا عليهم بالصلاح، إذ هو تصرف في ملك الغير بظاهر ممنوع شرعا، وإن كان في الباطن من الاستصلاح، وأن الغلام يخشى أن يرهق الأبوين طغيانا وكفرا، ويرجى أن يبدلا خيرا منه زكاة وأقرب رحمة، ليس بالذي يبيح في الشرائع المرسومة القدوم على قتله قبل ظهور طغيانه وصريح كفرانه، فلابد من الإذن ممن لا مالك معه في الممالك، فاحتيج إلى الجواب بقوله:" وما فعلته عن أمري ". فهذا إذن من نهج الحقيقة التي خفيت أسرارها، لا من نهج الشريعة التي تتبع آثارها.
पृष्ठ 293