يهجو بني فَزَارةَ بِوَطْءِ القَلُوص (١)؛ أي البَكْرة من النُّوق:
لَا تَأمَنَنَّ فَزَارِيًّا خَلَوْتَ بِهِ ... عَلى قَلُوصِكِ واكْتُبْهَا بِأَسْيَارِ (٢)
ويُقال: كتب السِّقَاء والمزَادة كَتْبًا إِذا خَرَزَهما فهو كاتب، أي خرَّاز. ومنه قول الحريرى في (المقامة) (٣):
وكَاتِبينَ وما خَطَّتْ أَنامِلُهُمْ ... حَرْفًا ولا قَرؤُا ما خُطَّ في الكُتُبِ
ويُستعار الكَتْب من هذا المعنى، ومنه قول البُوصِيرى (٤) في مدح الصحابة ﵃:
والكاتِبُونَ بِسُمْرِ الخَطّ مَا تَرَكَتْ ... أَقْلَامُهُمْ حَرْفَ جِسْمٍ غَيْر مُنْعَجِمِ (٥)
وشاع إِطلاق الكِتَابة عُرفًا على إِعمال القلم باليد في تصوير الحروف ونَقْشها، وعلى نفس الحروف المكتوبة:
_________
(١) القلوص: الفتيّة من الإِبل، بمنزلة الفتاة من النساء. وقيل: سميت قلوصًا لطول قوائمها، وقيل: غير ذلك. وبنو فزارة كانوا يُرمَون بغشيان الإِبل (لسان العرب -قلص، كتب).
(٢) البيت من بحر الطويل وقائله سالم بن دارة. انظر خزانة الأدب للبغدادي جـ٦ ص ٥٣١ (طبع الهيئة العامة للكتاب - القاهرة ١٩٧٧ م بتحقيق عبد السلام هارون)، جـ ٩ ص ٥٤٢ (طبع مكتبة الخانجى القاهرة ١٩٨١ م). ولسان العرب (كتب). ومقامات الحريري ص ٥٠٠.
(٣) المقامات (ط المكتبة الشعبية، بيروت، لبنان) ص ٥٠٠ - المقامة الرابعة والأربعون المسماة "الشتوية" قال الحريري عقب ذكر هذا البيت: "الكاتبون: الخرازون، يقال: كتب السقاء والمزادة إِذا خرزهما".
(٤) محمَّد بن سعيد بن حماد بن عبد الله الصنهاجي البوصيري، المصرى شرف الدين، أبو عبد الله. شاعر، أصله من المغرب من قلعة حماد بن قبيل، يعرفون ببني حبنون، ومولده سنة ٦٠٨ هـ في بهشيم من أعمال البهنساوية، ويُنسب إِلى بوصير (من أعمال بني سويف بمصر) أُمُّه منها. وتوفي بالإِسكندرية سنة ٦٩٦ هـ. له ديوان شعر، وأشهر شعره البُردة، شرحها وعارضها كثيرون (من مصادر ترجمته: فوات الوفيات جـ ٢ ص ٢٠٥، الوافي بالوفيات جـ٣ ص ١٠٥، خطط مبارك جـ٧ ص ٧٠ وغيرها: وراجع الأعلام جـ ٦ ص ١٣٩).
(٥) ديوان البوصيري ص ٢٤٧. والبيت من قصيدته المعروفة بالبردة.
1 / 38