فالنار ما اشتملت عليه ضلوعه ... والماء ما سمحت به أجفانه
وله:
أنا في مقام الناصر السلطان لا ... أشكو إلى محبوب قلبي ما بي
٣فاصبر كصبري في الهوى ولأنني ... متجلد والنار تحت ثيابي مجير الدين بن تميم تضمن:
يقول لها الفانوس لما بدت له ... وفي قلبه نار من الغيظ تسعر
خذي بيدي ثم اكشفي الثوب تنظري ... ضنا جسدي لكنني أتستر
وأما السراج وما قيل فيه فمنه قول ابن أبي الخصال.
عذرًا إليك أعزك الله فإني حططت والنوم معازل والعز منازل والريح يلعب باسلراج ويصول عليه صولة الحجاج وطورًا يسدد سنانًا وطورًا يحركه لسانًا وآونة يطوي جنابه وأخرى ينشره ذؤابه ويقيمه أبرة لهب ويعطفه برة ذهب او حمة عقرب وتقوسه حاجب فتاة ذات غمزات ويتسلط على سليطه ويزيله عن خليطه ويخلفه نجمًا ويمده رحمًا وتسل روحه من ذباله ويعيده إلى حاله وربما نصبته إذن جواد ومسخته حدق جراد ومشقته خاطف برق بكف ودق ولثمه سناه قنديله ولفت على أعطافه منديله فلاحظ منه للعين ولا هداية في الطرس لليدين.
قال شرف الدين التيفاشي رأيت فيما يرى النائم قائلًا يقةول لي تحفظ في السراج والمسرجة فأنشدته قول ابن الرومي:
وحية في رأسها درة ... تسبح في بحر قصير المدا
إذا تولت فالعمى حاضر ... وإن تجلت بان طرق الهدى
فقال لي هذا في الذبالة وأنا سألتك في السراج والمسرجة فأنشدته قول الصنوبري:
إن سراجًا نوره ظلمة ... كأنما يوقد في قلبي
الحب أضناني فما باله ... بفتى وما يشكو جوى الحب
فقال هذا في السراج وأنا سألتك في السراج والمسرجة فصمت فقال أراك سكت فقلت له ما تحفظ فيهما أنت فأنشد:
مسرجة تسرج من فوقها ... ذبالة في جوف مصباح
كأنها مسرجة فوقها ... تفاحة في غصن تفاح
فاستيقظت وأنا احفظهما.
قال شهاب الدين بن أبي حجلة وهذا التشبيه في المسرجة جيد في مسارج العرب فإن مسرجتهم قضيب أملس أشبه بغصن التفاح.
قلت: لا يخفى ما في هذين البيتين من الحسن وجودة التركيب في قوله في البيت الأول مسرجة ثم في الثاني كأنها مسرجة وقوله تفاحة في غصن تفاح وما أعرف لهما شبيهًا إلا قوال ابن وزير في الحمام.
حكي أن ابن قزمان الوزير أبي بكر صاحب الأزجال المشهورة قام من مجلس انس فمال على السراج فأطفأه فقال في الحال:
يا أهل ذا المجلس السامي سرادقه ... ما ملت لكنني مالت بي الراح
فإن أكن مطفئًا مصباح بيتكم ... فكل من حل فيكم فيه مصباح
قال القاضي كمال الدين بن العديم (مولده سنة ست وثمانين وخمسمائة، ووفاته سنة تسع وخمسين وستمائة) في تاريخ حلب أن القاضي شمس الدين بن خلكان الأربلي مذهب الشافعي وأنشدني لنفسه ملغزًا في السراج:
أيها العالم الذي ... صار حبرًا ممارسًا
والذي موضحاته ... يجتليها عرائسًا
أي شيء ترى الورى ... جمعهم منه قابسًا
إن في السرب نصفه ... حيث ما كان كانسًا
ثم صحف تمامه ... تلق خلا مؤانسًا
واحذفن منه ثالثًا ... تنظرن فيه فارسًا
من يصحفه عاكسًا ... يلق في الليل حارسًا
وما أحسن قول القاضي الفاضل يعتذر عن كتاب كتبه إلى بعض أصحابه ليلًا كتبها الملوك ليلًا وقد عمشت عين السراج وشابت له الدواة وكل خاطر السكين وخرس لسان القلم وضاق صدر الورقة فإذا وقف سيدنا على هذا الكتاب فليقف على بيمارستان وليقل الباذنجان من هذا لايقل هذا من الباذنجان.
وقال ابن تميم في سراج يوقد من سراج:
أعلمتم يا قوم أن سراجنا ... أمسى وفيه فضليه لاتكتم
يأتي أخوه إليه حاسر رأسه ... فيعيده في الحال وهو معمم
نادرة: اتفق أن أبا الحسين الجزار قام مرة إلى بيت الخلاء فناوله السراج الوراق شمعة فقال الجزار ما عادتي أقضي الشغل إلا على السراج.
وما أظرف قول زين الدين ابن الوردي:
لي صاحب واسمه سراج ... ما قرّ لي عنده قرار
لسانه محرق لقلبي ... إن لسان السراج نار
وممن أكثر من ذكر السراج الأديب الفاضل الكامل سراج الدين عمر الوراق حتى إنه قيل له لولا لقبك راح نصف شعرك، فمن ذلك قوله:
1 / 40