سيف الدين المشد ملغزًا في طوافة:
لينة الأعطاف لا ... ينكر فضل قدرها
حياتها في طيها ... وموتها في نشرها
وقال ناصر الدين بن شافع في وصفها (مولده سنة تسع وأربكعين وستمائة، وتوفي سنة ثلاثين وسبعمائة): وشمعة قد استتم نبتها في روض الأنس حتى نور * ولا نمى بدوحة المفاكهة حتى أزهر * أومأ بنان تبلجها إلى طرق الهداية وأشار ودل على نهج التبصر وكيف لا وهي علم في رأسه نار * كأنما هي قلم امتدى بماء ليق من ذهب أو صعدة إلا أن سنانها ذهب وحسبها كرمًا أن جادت بنفسها وأعلنت بامتناعها على همود حسها سايلها في الجود بأمثالها مسول ودمعها بالعفو للصفو من سماحتها مطلول تحيتها عموًا صباحًا يتألق فجرها وتمام بدرها في أوائل شهرها قد جمعت من ماء دمعها ونار توقدها بين نقيضين ومن حسن تأثرها وعين تبصرها بين الأثر والعين.
وقال محيي الدين بن عبد الظاهر: في حين ما شق ريحي الدجى عن ترائبه جيبًا ونشر الظلام ظفائره وقد اشتعل رأسه من النجوم شيبًا في ضوء شمعة نشرت على الورق ردء الأصيل وأخفت من الدجى سواد دجفنه الكحيل وسترت ذوائبه في معصفر أبهج من وجنتي بثينة لولا أنها في صفرة ةجه جميل.
وكتب الأديب الفاضل الكامل شرف الدين عيسى بن حجاج العالية أحد شعراء العصر بالديار المصرية أبقاه الله تعالى إلى الوزير العلامة فخر الدين بن مكانس تغمده الله بالرحمة يقبل الأرض التي شاقه ترابها المواطئ الفخرية فزاد عجابًا وقال المسك يا ليتني كنت ترابًا وينهي أنه أقبل على المطالعة والباقي من العشر ليال خمس واستهدى بنجوم فوائدها حين قامت الشمعة بوظيفة الشمس واستدعى أعوانًا من السهر فتخاذلت عنه أعوانه وخشي من غلبة النوم فتغلب عليه سلطانه ولما أغفى على وجه الكتاب لعبت الشمعة بلسانها وتناولت طرف شاشة بيد نيرانها فهب المملوك وأخمد منها ما تصاعد من الأنفاس وقابلها على حرق الشاش بقطع الرأس.
أني جلست بشمعة موقودة ... لأطالع الأسفار للتسبيح
فتناولت شاشي أوائل نارها ... وتمكنت منه بمر الريح
من قبل حرق الشاش كنت مطالعًا ... في الكتب صرت مطالعًا في الروح
وقد توسلت بهذه الرسالة المدونة في باب المنظوم والمنثور ومددت يد سؤلي إلى طلبي ساشًا مقصورًا وأرجو أن يجمع لي بين الممدود والمقصور أبقاك الله للأولياء الذين يحبون وجودك ويستمطرون كرمك وجودك.
وقال مجير الدين بن تميم وقد مر بدار بعض أصحابه ومعه شمعة وقد طفئت فأوقدها من داره:
لما أزرتك شمعتي لتنيرها ... جاءت تحدث عن سراجك بالعجب
وافتك حاسرة فقبل رأسها ... فأعادها نحوي بتاج من ذهب
حكى أن مجير الدين الخياط الدمشقي كان يتعشق غلامًا من أولاد الجند فشرب في بعض الليالي وسكر فوقع في الطريق فمر الغلام عليه وهو راكب فرآه في الليل مطروحًا فوقف عليه بالشمعة ونزل فأقعده ومسح وجهه فسقط من الشمعة نقطة على خده ففتح عينيه فرأى الغلام على رأسه فاستيقظ من سكرته وأنشد مرتجلًا:
يا محرقًا بالنار وجه محبه ... مهلًا فإن مدامعي تطفيه
أحرق بها جسدي وكل جوارحي ... واحذر على قلبي فإنك فيه
وأما الفانوس فمن احسن ما سمع فيه قول مجير الدين بن تميم:
انظر إلى الفانوس تلق متميًا ... ذرفت على فقد الحبيب دموعه
يبدو تلهب قلبه لنحوله ... وتعد من تحت القميص ضلوعه
وقال:
أبدي اعتذارًا لنا النفوس حين بدا ... في حالة من هواه ليس ينكرها
رأى الهوى مضرمًا ما بين أضلعه ... نار الجوى فغذا بالثوب يسترها
وقال الوجيه المناوي:
كأنما الليل وفانوسنا ... يجلو دجى الظلمة للحس
لجة بحر قد طما موجه ... تسبح فيه كرة الشمس
وقال شهاب الدين بن أبي جحلة مضمنًا:
وكأنما الفانوس نجم نير ... منع الظلام من الهجوم طلوعه
أو عاشق أجرى الدموع بحرقة ... من حر نار قد حوته ضلوعه
وله مضمنًا أيضًا:
وباكية من غير حزن بأدمع ... تذوب بها أحشاؤها حيت تنهمل
دموعًا إذا ردت إليها بكت بها ... ولم ار دمعًا غيره رد في المقل
وله فيه مضمنًا:
يحكى سناص الفانوس من بعد لنا ... برق تالق موهنًا لمعانه
1 / 39