هبوليتس :
سمعت الصيحة يا أبت، وها أنا ذا أقبل مسرعا. ولكني لست أعرف لهذه الشكاة المرتفعة باعثا؟ وأريد أن أعلم منك هذا. عجبا! أي منظر أرى! إني أرى زوجتك يا أبت قتيلة. وإني لشديد العجب من هذا؛ لأني تركتها منذ عهد قريب جدا تنعم بنور الحياة الجميل. ماذا دهاها؟ كيف ماتت؟ أحب أن أعرف هذا منك يا أبتاه. إني أراك صامتا، ولكن الصمت لا يجدي في النوائب نفعا، وإن رغبة المرء في أن يلم بكل شيء لتجعله مشغوفا بأن يعلم حتى النوائب. ولا يجدر بك يا أبت أن تخفي كربة نفسك عن أصدقائك، بل ومن هم أكثر من أصدقائك.
ثيسيوز :
أيها الإنسان الضال، يا من تشغل نفسك عبثا بكثير من الأمور. لماذا تتعلم آلاف الفنون، وبفكر عميق تحتال وتدبر وتخترع. ولكن شيئا واحدا لا تعرفه ولا تحب أن تعرفه؛ وذلك أن تعلم الحكمة من لا عقل له.
هبوليتس :
إنه أستاذ سفسطائي ذلك الذي يستطيع أن يعلم الحكمة قسرا أولئك الذين ليس لديهم روح ولا عقل يدرك - بيد أن هذه المباحث العجيبة يا أبت ليست في إبانها، حتى إني لأخشى أن يزل لسانك على غير هدى من أثر الحزن العميق.
ثيسيوز :
كان من الخير للناس لو كانت لديهم إمارات خاصة يميزون بها أصدقاءهم، وتبين لهم في جلاء نفوس خلانهم؛ الصادق منهم والزائف، أو أن كل امرئ كان له صوتان؛ أحدهما ينطق عن الحق ولا شأن له بالآخر، فإن انطوى الكلام على السوء أو كانت هناك ظلامة دنيئة انبرى صوت الحق لبيان الزلل، فلا ينخدع بعدئذ إنسان.
هبوليتس :
هل غابني لديك صديق خائن؟ إني لا أحس بجرم ارتكبته. وإني لفي عجب شديد لأن كلماتك التي تحيد كثيرا عن الحكمة المتزنة تذهلني.
अज्ञात पृष्ठ