ميديا
هبوليتس
أفجنيا
ميديا
هبوليتس
أفجنيا
مسرحيات يوربديز
مسرحيات يوربديز
جمع وترجمة
محمود محمود
अज्ञात पृष्ठ
مقدمة
بقلم محمود محمود
الروح الإغريقية
إنه لمما يثير الدهشة ويبعث على الإعجاب حقا أن يستطيع الشعب الإغريقي - وهو قليل العدد - أن ينتج في القرن الخامس قبل الميلاد هذا الأدب الرائع الذي تحدر إلينا من ذلك العهد الزاهر في تلك الأزمنة السحيقة. إنه أدب ما زلنا نقرؤه ونفهمه ونستمتع به، وهو يكاد يداني في جلاله وعظمته أدب أية أمة في أي عهد من العهود.
وقد خلف لنا اليونان فوق هذا الأدب كثيرا من آيات النحت والبناء، مما يدل على ذوق رفيع ومدنية زاهرة.
والعقل الإغريقي هو الذي وضع أساس الفلسفة والرياضة والعلوم الطبيعية، ولا نكون مبالغين إذا قلنا إنهم منشئو أكثر ما نفخر به في حياتنا الحديثة من علم وثقافة.
بيد أن الإغريق - برغم علو كعبهم في مختلف الفنون والمعارف - كانت تنقصهم بعض نواحي الثقافة الهامة التي لا بد منها لكمال المعرفة والتهذيب؛ فمعرفتهم بالتاريخ القديم وبتقويم البلدان ضيقة محدودة، وصلاتهم بالشعوب الأخرى واهنة يسيرة.
ولكنهم من ناحية أخرى كانت لهم لغة جميلة مرنة تقوى على التعبير الأدبي عن أدق الأفكار.
ولم يعتقد الإغريق - كما كان يعتقد اليهود - في إله واحد يحب الخير للناس وهو على كل شيء قدير، بل كانت لديهم آلهة متعددة تضطرم في نفوسهم العواطف الإنسانية من حب وبغض وغيرة وحسد، وهم في قتال دائم، يتدخلون في شئون البشر من حين إلى حين. ومن وراء هؤلاء الآلهة «القدر» الذي يسيطر على مصائر الآلهة والناس على السواء. ومن العبث أن يقف الإنسان في وجه «القدر» أو يعارضه، وعلى كل امرئ أن يتقبل حكمه عن رضا وطواعية.
ولعل هذا السلطان المتسلط على البشر والآلهة والذي لا مفر منه هو سر المأساة اليونانية.
अज्ञात पृष्ठ
والإغريقي رجل واقعي؛ فالمحيط عند هومر «ماء ملح»، والموت «موت» لا يحاط بتلك العقائد المعقدة التي كان يعتنقها قدماء المصريين وغيرهم من الأمم القديمة. يشغل نفسه بالحياة دون الموت، ويعتقد أنه في هذه الدنيا وحده بدون معين، وهم يقدرون مقدرة الإنسان؛ لأن المرء يستطيع أن يتغلب على كثير من الصعاب في هذه الدار الفانية؛ ومن ثم فهم يقدسون الإنسانية. وقد استتبع هذا التقديس حب كل شيء يجعل الحياة بهيجة سارة. وأول هذه الأشياء الجمال، فلم تعجبهم الأصنام الهندية والمصرية؛ لأنها منفرة تنم عن الرعب والقوة، بل كانوا يعبدون آلهة أهم صفاتها الجمال، الجمال أحب شيء إلى نفوسهم. ثم هم يقدرون بعد الجمال الحق والعدل والحرية؛ فهي ضرورية لسعادة الإنسان.
كان الإغريق إذن قوما واقعيين، لا تكاد تجيش صدورهم بالعواطف. وربما يرجع ذلك إلى أنهم لم يرثوا عن تاريخهم القديم ما يكبل نفوسهم بمختلف المواضعات والتقاليد التي يتحتم عليهم احترامها ورعايتها.
ولما كانوا قوما واقعيين فقد كانوا يميلون إلى البساطة والسذاجة التي لا كلفة فيها. فلم يكن الشعر اليوناني منمق اللفظ معقد العبارة، إنما كان يتميز بالسهولة بل وبشيء من الجفاف، وهم في أدبهم ونحتهم يتوخون الصدق والبساطة.
ويجب أن نذكر ونحن نتحدث عن الإغريق أنهم كانوا يسكنون في مدائن منفصلة، كل مدينة حكومة قائمة بذاتها. وأكبر هذه المدن وأشهرها أثينا، وأكثر ما تحدر إلينا من الأدب اليوناني من إنتاج أدبائها. ولكن لم يصل إلينا غير القليل من هذا الأدب، ونحن مدينون بالإبقاء عليه لمدينة الإسكندرية التي حفظته أجيالا طوالا.
ويجب أن نذكر كذلك ونحن نتحدث عن الإغريق أن الحرب التي دارت رحاها بينهم وبين الفرس كانت الحافز الأول للوطنية الأوروبية. ولم يبعث خوف البرابرة - كما كانوا يسمونهم - في صدور الإغريق حب الوطن فحسب، بل دفعهم كذلك إلى أن يعتبروا أنفسهم حماة الثقافة من تخريب البرابرة المتوحشين.
الروح الإغريقية معناها حب الجمال الساذج، والبساطة، والصدق، والحرية، والعدالة، وحب الواقع، وبغض التكلف، وتحاشي المبالغة. وأكثر أدبهم مستمد من أساطيرهم الدينية. وقد نشأ أدبهم أول ما نشأ شعرا حماسيا ينشده شعراء متجولون. حتى ظهر من بينهم هزيود وهومر الذي جمع هذا الشعر في ملحمة خالدة. وفي الأساطير الدينية كان كتاب المسرحية يتلمسون موضوعاتهم. ونمو المسرحية اليونانية وتطورها في عدد قليل جدا من السنين أمر يدعو حقا إلى الدهشة والإعجاب؛ ففي نحو خمسين عاما بلغت المسرحية حدا بعيدا من الكمال، وفي هذه الفترة الوجيزة تألق في سماء الأدب المسرحي أسماء باقية على الدهر خالدة على وجه الزمان؛ من هؤلاء إيسكلس الذي نال جائزته الأولى على إحدى رواياته عام 484ق.م، ومنهم سوفوكلين، ويوربديز الذي اخترنا في هذا الكتاب أربعا من مآسيه نقلناها إلى اللغة العربية، وقد ظهر بجائزة الحكومة على «ميديا» (إحدى رواياته المترجمة) عام 431ق.م، ومن هؤلاء كذلك أرستوفان الذي كتب عددا كبيرا من الملاهي. ويشبه هذا التطور السريع للمسرحية اليونانية ورقيها إلى هذا الحد في فترة وجيزة من الزمان ما حدث في إنجلترا في إبان عهد الملكة إليزبث في أوائل القرن السابع عشر، حينما ظهر عدد كبير من كتاب المسرحية النابغين، وعلى رأسهم شيكسبير.
نشأة الأدب المسرحي اليوناني
صور لنفسك جماعة من الراقصات لا يعدو عددهن العشرين، احتشدن حول مذبح من مذابح الآلهة يتراقصن ويغنين الأناشيد. ثم تصور بعد ذلك قصاصا ينضم إلى هؤلاء الفتيات، ويقف فوق منضدة مرتفعة يقص على المستمعين قصص الأبطال والبطولة. ثم يرتبط غناء المغنيات بقصة القصاص في صورة جدل وحوار. هكذا نشأت المسرحية اليونانية نشأة دينية، كما نشأت في إنجلترا في العصور الوسطى حينما كان القسس أول الأمر يمثلون قصص الإنجيل في الكنيسة.
وكانت هذه الحفلات الدينية اليونانية تقام فوق التلال، وبخاصة في فصل الربيع حينما كان الناس يحتفلون بإله الزهر والبساتين ديونيسيس. ثم أنشئت المسارح في مختلف البلدان، وكان أكبر هذه المسارح مسرح أثينا؛ إذ كان يتسع لنحو ثلاثين ألف مقعد لمتفرج. ومن حق كل أثيني أن يشهد حفلات التمثيل. وفي عهد بركليز الزاهر كانت الدولة تدفع أجور المقاعد لكل أثيني. وفي أمثال هذه الحفلات كان التمثيل يستمر طيلة النهار. ومن واجب الأغنياء بل ومما يلذ لهم ويتظاهرن به أن يعينوا الممثلين والمغنيات بكل ما يحتاجون إليه من ضرورات الحياة.
وكانت الدولة تعقد بين المؤلفين مسابقات سنوية، ثم تختار خير ما يقدم لها وتخرجه على المسرح كي يشهده الناس أجمعون، ولا تقبل الدولة أكثر من ثلاثة متنافسين في العام الواحد. وكان على المتنافس أن يبحث له عن رجل غني يدفع الأجر للفرقة التي تقوم بتمثيل مسرحياته. ولما كان التمثيل حفلة دينية، كان الرأي الشائع أنه شؤم على المؤلف ألا يفوز بجائزة، ولذا فقد كانت الجوائز تمنح لكل متنافس تظهر روايته على المسرح. وكان لظهور أيسكلس وسونوكليز ويوربديز خاصة أثر كبير في تقدم الفن المسرحي، ولكثرة النظارة كان الممثل يضطر إلى أن يلبس حذاء عاليا كي يظهر للجميع، ويضطر إلى أن يتكلم من خلال بوق يخفيه حول قناع يتقنع به.
अज्ञात पृष्ठ
وتبدأ المسرحية عادة بحديث ضاف يشرح الموقف ويقدم للحوار ويأخذ النقاد على هذه الطريقة أن المقدمة كثيرا ما كانت تشتمل على أكثر حوادث الرواية، ولذا فهي تقتل لذة المتفرج. ولكن لذة المسرحية في الواقع تنحصر في الحوار أكثر مما تنحصر في أي شيء آخر. ويتخلل الحوار رقص الجوقة وغناؤها، وكثيرا ما يكون هذا الغناء قليل الصلة بمجرى الحوادث. وهو في الكثير الغالب تعليق شعري على حوادث الرواية لا علاقة له بتطور الموضوع، وسيجد القارئ اليوم، والقارئ العربي خاصة، أن حديث الجوقة ممثل سخيف؛ وذلك لكثرة ما يحتويه من إشارات إلى الأساطير اليونانية القديمة التي انقطعت بيننا وبينها الأسباب. ولكن لهذا الرقص والغناء فائدته في بعض المواقف؛ فهو لون من ألوان الترفيه عن المستمع حين تبلغ المأساة موقفا يدعو إلى الحزن ويثير الألم. والجوقة ساكتة لا تتحرك، تنشد غناءها غالبا على دفعتين؛ لأنها مقسمة إلى فرقتين، وقد تشترك الفرقتان في نشيد واحد.
ويلاحظ على المسرحية اليونانية أنها قليلة الأشخاص، وأن هؤلاء الأشخاص قليلو الحركة على المسرح؛ لأن المسرحية أكثرها حوار، وهي قليلة الحوادث. ولما تبلغ العقدة أشدها، وتصل المسرحية إلى أزمتها تقع الكارثة بعيدا عن المسرح لا يراها المتفرجون، وإنما يرويها لهم رسول حديثه عادة هو قمة المسرحية وبدء انحلال عقدتها. وكثيرا ما تنتهي المسرحية عند يوربديز بظهور إله يختتم الرواية في كلمات موجزة فيها عزاء وسلوى عن الكارثة التي ألمت ببعض أفراد المسرحية، فيغادر المتفرجون المسرح وهم على شيء من راحة النفس والطمأنينة. وآخر ما يسمعه المتفرج نشيد يرتله أفراد الجوقة تعليقا على المأساة.
يوربديز وعصره
عاش يوربديز في عصر البطولة في تاريخ أثينا في الوقت الذي استولى فيه الهلينيون على الإمبراطورية الفارسية الشاسعة، وهزموا جيشها الجرار وأسطولها الضخم في معركة سلامس. وهو يعاصر اثنين من أشهر كتاب المسرحية اليونانية، وهما إيسكلس وسوفوكليز. ولكنه أصغر منهما سنا. وكان سقراط لعهده يسيطر على ميدان الفلسفة ويبعثها بعثا جديدا.
وقد كان إيسكلس جنديا في الجيش، وسوفوكليز رجلا يشترك في سياسة المدينة. أما يوربديز فقد كان يعيش في عزلة من الناس قليل الانسجام مع العصر الذي نشأ فيه، يكره عادات الشعب الأثيني، ويؤثر حياة الريف على حياة المدينة. وكان مبتدعا في فنه مبتكرا. ولعل هذا الابتداع هو الذي جعل أرستوفان يتهكم عليه ويسخر منه في إحدى رواياته؛ وذلك لأن أرستوفان كان محافظا على القديم يمقت كل تجديد. وكان يوربديز رجلا حاقدا على الناس ناقما عليهم، يكره أن يسخر منه أحد. وربما دفعه إلى هذا الحقد أنه تزوج من امرأتين أثبتت كلتاهما الخيانة له. وفي أخريات حياته هجر أثينا نافرا من الحياة فيها، وهبط في مقدونيا؛ حيث كتب مسرحيته الأخيرة «باكي»، وقد قربه الملك إليه، فأثار ذلك غيرة رجال البلاط الذين دبروا له ميتة شنيعة؛ وذلك بأن يهاجمه عدد من الكلاب المتوحشة، وقد أطلقت بالفعل عليه الكلاب وأخذت تنهش لحمه حتى مات.
ولما بدأ يوربديز الكتابة المسرحية كان إيمان الأثينيين بالآلهة قد تزعزع. وقد كانت قدرة الآلهة وسلطانها أساس مسرحيات أيسكلس. ولكن عهد الإيمان قد انقضى وتولى، فلا عجب أن نجد يوربديز يغض من شأنهم أحيانا من خلال مسرحياته. واختار يوربديز أشخاص رواياته من الرجال والنساء مخالفا في ذلك من سبقه من كتاب المسرحية؛ إذ كانوا يجرون كثيرا من حوار المسرحية على ألسنة الآلهة، ولهذا يعتبر يوربديز بحق أبا للمسرحية.
وبرغم اختلافه مع أبناء عصره في الرأي في كثير من الأمور، كان يشاركهم الشك في الآلهة، وقد دفعه إلى هذا الشك ما كان يروى من أعمال الآلهة الوضيعة التي لا تتفق وقواعد الأخلاق. فإن صح ما يروى فالآلهة لا يستحقون التقديس والعبادة، وإن لم يصح انهارت أركان العقيدة فيهم؛ لأن هذه الأساطير المروية هي لحمة العقائد وسداها، ولا نعرف إن كان يوربديز يؤمن بالخلود أو لا يؤمن. ومهما يكن من شيء، فقد كان أرستوفان يعتقد أنه كافر ملحد، وقد يكون مصيبا في عقيدته؛ لأن الشك كان يلتهم قلب الرجل التهاما. بيد أن يوربديز كان يعتقد أن عدم الإيمان بالآلهة لا ينافي الأخلاق الكريمة وكمال الشخصية. ولنذكر أنه كان يونانيا؛ فهو يحب الفضيلة لجمالها لا لما يعقبها من مثوبة أو جزاء أو سعادة باقية.
وأكثر مسرحيات يوربديز يدور حول العلاقة بين الرجل والمرأة. وقد برع في تحليل الشخصية، وبخاصة شخصية المرأة. وهذا الفهم الدقيق لعقلية النساء هو الذي جعل المستر جلبرت مري الذي نقل أكثر رواياته إلى الإنجليزية يطلق عليه «أبسن الإغريق»؛ وذلك لما بينه وبين أبسن الكاتب المسرحي النرويجي الحديث من مشابهة في فهم النفوس وما يجيش في صدور الناس من عواطف.
وقد كتب يوربديز ما ينيف على خمس وسبعين مسرحية، بقي لنا منها ثماني عشرة. وقد أثنى أرسطو على عبقرية الرجل، وحزن عليه سوفوكليز بعد مماته، وبموته انقضى عهد الدراما اليونانية الزاهر العظيم.
ويجدر بالقارئ أن يعلم أن أرستقراط أثينا لعهد يوربديز كانوا يقضون العمر في خدمة الدولة وفي الرياضة البدنية والذهنية، أما التجار والمزارعون والعمال فكانوا كقرنائهم في أي عهد من العهود وأي قطر من الأقطار. وكان الرق منتشرا، غير أن أكثر الرقيق كانوا يعيشون عيشة رضية ميسرة. وكانت النساء لعهد هومر - وذلك قبل يوربديز بنحو سبعة قرون - أحرارا في ذهابهن وإيابهن، يقفن مع الرجال على قدم المساواة في كل شيء ما خلا الحرب؛ فهي من شأن الرجال وحدهم. وقد تبدلت الحال في أثينا لعهد يوربديز وتدهور مركز المرأة بالنسبة إلى الرجل، وتكبلت بكثير من القيود، ولعل هذا هو السبب أن إكليز يكاد يصعق حينما تكلمه كيلتمنسترا، ولهذا أيضا لا تدافع أفجنيا عن نفسها أمام البطل في المسرحية. ولكن الكاهنات والقيان كن في حل من هذه القيود. وكان البنات يتزوجن في سن مبكرة، فلا غرابة في أن تقترن أفجنيا وهي بين الثالثة عشرة والرابعة عشرة.
अज्ञात पृष्ठ
وكان من واجب كل فرد أن يضحي في سبيل الدولة؛ ومن ثم نرى أفجنيا تقبل على التضحية بنفسها وهي راضية مطمئنة. وكان الرجل في ذلك العهد أكثر أهمية من المرأة، ومن الطفل؛ لأنه أنفع للدولة والمجتمع.
المسرحيات المترجمة
اشتغل العرب بترجمة كثير من الكتب اليونانية، ولكنهم أهملوا ترجمة الأدب والمسرحيات، ولعل السبب يرجع إلى انبثاث الأساطير الدينية والعقائد الفاسدة في أكثر الآداب اليونانية، وهي أساطير وعقائد تنافي العقيدة الإسلامية ويخشى أن تتسرب إلى الدين فيعلق به شيء من خرافتها. ولكن هذه الأساطير مع الزمن ثبت بطلانها، ولم يعد يخشى تعلق النفوس بها، فترجم لنا الدكتور طه حسين بك زعيم الأدب العربي في العصر الحديث بعض روايات سوفوكليز، وشق بذلك طريقا للعاملين يسلكونه إن أرادوا ويخدمون بذلك الأدب العربي. فرأيت أن أترجم ليوربديز أربعا من أهم مسرحياته، وأملي أن أسد بذلك نقصا يشعر به كل مشتغل بالأدب. ومهدت لكل مسرحية بتمهيد قصير يعين القارئ على فهم حوادث الرواية. وبالمسرحيات التي نقلتها بعض الإشارات إلى الأساطير اليونانية القديمة، وبخاصة في حديث الجوقة، وأنا أقر أن كثيرا من هذه الإشارات مملول غير مستساغ، ولكنه لا يؤثر في تتبع حوادث المسرحية وفهمها فهما جيدا.
وأولى الروايات التي ترجمتها «أفجنيا في أولس»، ثم أعقبتها «بأفجنيا في تورس»، وقد اعتمدت في نقلهما إلى العربية على ترجمة
C. B. Bonner
الإنجليزية. والمسرحية الأولى موضوعها التضحية؛ فقد ضحى الملك أجاممنن بأفجنيا كي تقلع السفن إلى طروادة لاسترداد هلن زوجة أخيه التي اختطفها بارس. وليس عجيبا في العصر القديم أن يضحي الأب بابنته. بل لقد روت لنا الأديان السماوية أن إبراهيم عليه السلام قد هم بذبح ولده إسحق ، لولا أن أرسل الله كبشا يضحي به إبراهيم لإنقاذ ولده. وكما أرسل الله كبشا لإبراهيم، أرسلت الآلهة ظبيا لأجاممنن قتله بدلا من أفجنيا، وأنقذت الآلهة الفتاة وحملتها إلى جزيرة نائية. والتضحية موضوع يستحق البسط والتحليل، وهي ما تزال تسيطر على كثير من أعمالنا، وما زلنا نتساءل هل من الخير أن يضحي الفرد لمصلحة الجماعة أو لا يضحي؟
وفي المسرحية الثانية (أفجنيا في تورس) يلتقي أرستيز بأخته أفجنيا في تلك الجزيرة النائية، وينقذها من منفاها ويعود بها إلى الوطن. وكما أن في هذا العمل إنقاذا لحياة أفجنيا، ففيه كذلك راحة لنفس أرستيز ولضميره المعذب؛ لأنه كان قد قتل أمه انتقاما لأبيه؛ لأنها خانته في غيبته في حرب طروادة وتزوجت من غيره وقتلته بعد عودته. وفي هذه الرواية عرض رائع جميل للصداقة بين أرستيز ويلديز، وهي الصداقة التي يضرب بها المثل في الآداب الأوروبية جميعا.
وفي هاتين الروايتين حلل المترجم الإنجليزي نشيد الجوقة المتصل إلى حوار على ألسنة أفراد الجوقة، وقد برر عمله هذا بأن ذلك أيسر لنا عند الإخراج والتمثيل، وقد تبعته في الترجمة العربية، ولعل في هذا منفعة للمسرح.
ثم ترجمت كذلك روايتي «ميديا» و«هبوليتس»، وقد نقلتهما إلى العربية عن ترجمة
R. Potter
अज्ञात पृष्ठ
الإنجليزية. وفي المسرحية الأولى يشرح الكاتب انتقام الزوجة إذا أساء إليها زوجها وأنكر جميلها. وقد بلغ الانتقام بميديا أن قتلت ولديها كي تؤجج نارا حامية في صدر زوجها الذي أنكر عليها فضلها؛ إذ كانت قد أنقذت حياته في كثير من المخاطر. ومغزى القصة أن الشر يعقبه الألم، وأن الحياة الخلقية حياة جميلة، والحياة التي تحيد عن الخلق القويم محفوفة بالأشواك والأخطار.
وفي مسرحية هبوليتس يبين لنا الكاتب أن هذا الشاب أراد أن ينفي عاطفة الحب الجنسي من قلبه، فعرضته فينس ربة الحب لأشد الأخطار، انتقمت منه لاعتدائه على نفوذها، ودبرت مقتله على يدي أبيه؛ وذلك أنها أوقعت زوج أبيه في حبه، فقتلت الزوجة نفسها كي لا يتلوث شرفها بهذا الحب الدنيء، أو يلحقها العار لهذه الصلة التي لا يبررها عرف ولا قانون. وبرغم إعراض هبوليتس عنها ظن أبوه به الظنون، فاستنزل عليه لعنة السماء ودعا عليه بالموت، واستجابت الآلهة دعاءه، فقضت على حياته. ولا يدرك الأب نزاهة ابنه إلا وهو (هبوليتس) في النزع الأخير، فيتم بينهما التوفيق والتراضي في نهاية الأمر.
والآن أنتقل بالقارئ إلى المسرحيات، وأرجو أن يجد فيها لذة تعوضه الوقت الذي ينفقه في قراءتها.
ميديا
تمهيد
لبث «إيسن» ملكا على أيولكس في تساليا حتى أنزله «بلياس» عن العرش واستولى على الحكم. ثم أعقب إيسن ولدا سماه «جيسن»، وخشي عليه من عسف الملك الغاصب، فأذاع نبأ موته بين الناس، وأرسله خلسة إلى «كيرن» كي يتلقى عليه العلم والحكمة، وبقي الفتى تحت رعاية أستاذه عشرين عاما، وبعدئذ عاد إلى أيولكس، وطالب بعرش آبائه بكل جرأة وجسارة.
وذعر بلياس لعودة جيسن ذعرا شديدا، وقابله مقابلة حسنة، ثم قال له: إن الآلهة قد تجلت له في الحلم، وأمرتني أن أعيد الفراء الذهبي من كولكس. وقد استشرت كهنة دلفي فأجابوني بأني رجل مسن لا أحتمل أداء هذا الواجب، وذكروا لي أنك في شرخ الشباب، فأنت أقدر من يجرؤ على هذه المحاولة. ثم قال: «فاذهب، وقم لنا بهذا العمل. وإني أقسم لك بجوبتر خالق أمتنا أني سأتخلى لك بعد عودتك عن ولاية البلاد.» ولم يخش البطل الشاب المغامرة التي كان بلياس يؤمل أن تودي بحياته، فقام برحلة بحرية على سفينة آرجو، وأقلع إلى كولكس، وطالب بالفراء الذهبي. ولكن قبل أن يستطيع الاستيلاء عليه كان لا بد له أن يضع النير على كاهل ثورين وحشيين ينفثان النار من فيهما، وأن يستخدمهما بعدئذ في حرث قطعة معينة من الأرض، يبذر فيها أسنان أفعوان تثمر رجالا مسلحين يتحتم عليه فيما بعد أن يهزمهم. فإن نجح في هذا كان أمامه فوق ذلك خطر أعظم عليه أن يلاقيه؛ وذلك أن الفراء الذهبي كان في حراسة أفعوان وحشي يقظ ذي حجم هائل.
وكان لملك كولكس الهمجي ابنتان، أخذت كلتاهما عن أمهما علم السحر. وكانت إحداهما تستخدم علمها في أغراض دنيئة، أما الأخرى - واسمها ميديا - فكانت أشد من أختها ميلا إلى الخير، تحب الإنسانية وصنع المعروف، وتستخدم سحرها في تخفيف الويلات التي تجلبها قسوة أبيها على البلاد، وفي تحرير الأغراب من الأخطار التي تحيق بهم فوق أرضها وفي وطنها، وتمهد لهم سبيل النجاة. وعندما وقعت عيناها على جيسن أعجبها جمال صورته واعتدال قامته، فأحبته حبا جما، وبادلها الحب، وعاونته بسحرها على أداء مهمته، وأقسم لها يمين الإخلاص، وبرت بوعدها له، وأنقذته من كل ما تعرض له من خطر، ومكنته من الحصول على الفراء الذهبي، وفرت معه إلى بلاد اليونان.
وكان قد نما إلى بلياس أن كل من أقلع على ظهر آرجو قد هلك، فأقبل على أبي جيسن وأمه وأخيه وأعمل فيهم القتل كي لا يبقى له على وجه الأرض مطالب بالتاج. وبعدئذ عاد جيسن إلى أيولكس، ولكن ماذا عساه يصنع؟ هل يستطيع ومن معه أن يهزموا - وهم قلة - ملكا قويا جبارا عليه حراسة شديدة؟ أم هل يؤجج حربا أهلية ويقابل هذا الغاصب في ساحة القتال؟ وإذ هو في حيرة من أمره إذا بميديا تقدم له سحرها مرة أخرى، وتستطيع أن تقضي على حياة الملك وترد التاج إلى جيسن. وأحسن جيسن إلى بنات الملك وأبنائه صنعا، غير أنه آثر أن ينزل عن العرش لابن الملك المقتول، ويهاجر إلى كورنث مع ميديا وولديه.
وتلقاه «كريون» ملك تلك البلاد لقاء حسنا، واشتدت أواصر الصداقة بينهما. وعندئذ لم يرع جيسن لعهده السابق حرمة، فهجر ميديا وتزوج من ابنة كريون.
अज्ञात पृष्ठ
وهذه الخيانة وما أعقبها من نتائج مفزعة هي قصة هذه المأساة المروعة.
أشخاص المسرحية
المربية.
المربي.
ابنا ميديا.
ميديا.
كريون.
جيسن.
إيجس.
الرسول.
अज्ञात पृष्ठ
جوقة من فتيات كورنثيا.
المنظر
رواق قصر جيسن في كورنث. ***
مربية ميديا :
كم كنت أتمنى لو أن «آرجو» الجريئة لم تشق طريقها إلى كولكس خلال الصخور التي تعترض بحر يوكسين المظلم. وكم كنت أتمنى لو أن أشجار الصنوبر في غابات بلين لم تقطع، ولو لم تمتد أيدي الأبطال إلى المجاديف ويجهدوا أنفسهم أملا في الحصول على الفراء الذهبي لبلياس. إذا ما كانت مليكتي ميديا لتركب متن البحر تقصد بروج أيرلكس وقد اختبل عقلها حبا في جيسن، وما كانت لتظفر ببنات وتقتل أباهن ثم يستقر مقامها في كورنث مع زوجها وابنيها، وما كان أشد سرور أولئك الذين أقامت فوق أرضهم بهذا الفرار، وهي في كل هذا تحصر أفكارها في جيسن وتثابر على معونته. هكذا تكون السعادة ثابتة الأركان، حينما لا تعارض الزوجة بإرادتها إرادة بعلها. أما الآن، فقد تفككت أعز عرى المحبة بينهما، ولم يعد بينهما إلا الشقاق والبغضاء؛ ذلك أن جيسن غدر بابنيه، وغدر بمولاتي، فهجر مضجعها من أجل عروس ملكية، حينما تزوج من ابنة كريون سيد هذه البلاد. وإن ميديا لتضيق بهذا العار الشنيع، وإنها لتذكر زوجها بأيمانه، وتذكر حين عقدت يديها في يديه وتعاهدا عهدا أكيدا على تبادل الإخلاص، وتهيب بالآلهة أن يشهدوا ما تلاقي عند جيسن من جزاء. وقد أهملت طعامها واستلقت مستغرقة في أحزانها، يذيبها الدمع كل ساعة من ساعات الضجر منذ عرفت أن مولاها قد أساء إليها. لا ترفع بصرها، ولا ترفع وجهها من الأرض، وهي لرجاء أصدقائها صماء كالصخر أو كموج البحر، لا تحيد عن هذا إلا حين تلتفت بجيد كالثلج الناصع، وتنوح لنفسها على أبيها وعلى وطنها وبيتها الذي غدرت به كي تتبع هذا الرجل الوضيع الذي يعاملها الآن معاملة مشينة. وقد علمتها الكوارث الآن ما يعود به هجران الأبوين وهجران البيت. إنها لتكره ابنيها، ولا تنظر إليهما بعين الغبطة، وإني لأتوجس خيفة وأخشى أن تدبر خطة ما أنزل الله بها من سلطان؛ لأنها حادة المزاج لا تطيق الإساءة. وإني لأعرفها حق المعرفة، وأخشى أن تتسلل إلى الدار في هدأة الليل، حينما يستولي النوم العميق على الجميع، فتغمد السيف الباتر في صدر ولديها أو تقتل ملك البلاد، وتقتل جيسن، وهو حديث عهد بالزواج، فتجر على نفسها بلايا أشد إيلاما؛ فإن عواطفها تثور كالعاصفة. ومن يجسر على إثارة غضبها لن يبوء بما يدعوه إلى المباهاة بالنصر . ولكن انظروا! ها هما ابناها يعودان من حلبة السباق غير مكترثين لآلام أمهما؛ لأن الأحداث لا يطيقون عبء الأحزان.
المربي مع ابني ميديا، والمربية
المربي :
أنت أيتها الخادمة العجوز في بيت سيدتي، لماذا تتخذين موقفك عند الأبواب، وتستعيدين أحزانك في صمت؟ ولماذا أرادت ميديا أن تبقى وحدها؟
المربية :
أيها الرجل الطيب العجوز، يا من تقف على خدمة ابني جيسن. اعلم أن الأتباع المخلصين يكابدون مع أسيادهم الأرزاء، وتملأ قلوبهم الأحزان. وإن أحزاني من أجل آلام ميديا قد ارتفعت إلى حد يجعل الرغبة الملحة تدفعني لأن أنطلق وأبث في الأرض والسموات أحزاني.
अज्ञात पृष्ठ
المربي :
وهل لم تسمح بعد سيدتي لنفسها بطرح همومها؟
المربية :
إني لأعجب لك. كلا. إنما هموم سيدتي في ازدياد، ولم تبلغ بعد أقصى شدتها.
المربي :
إنها غير حكيمة - إن جاز لنا أن نقول ذلك في موالينا - لأنها لم تعرف بعد شيئا عن أنباء الكوارث الأخيرة.
المربية :
وماذا عسى أن تكون هذه الكوارث؟ لا ترفض أن تخبرني بها.
المربي :
لا شيء. وإني على ما قلت نادم.
अज्ञात पृष्ठ
المربية :
كلا، وحق هذه اللحية، لا تخفيها عني؛ فأنا زميلتك في الخدمة. وإذا كان الظرف يتطلب كتمان السر، فسوف ألزم الصمت.
المربي :
سمعت قائلا يقول - وقد تظاهرت بعدم الإصغاء وأنا أسير مصادفة بين جمع من الشيوخ الموقرين يلعبون النرد وهم جلوس على ضفاف مجرى بيرين المقدس: إن كريون سيد هذه البلاد الجميلة سوف يبعد هذين الطفلين وأمهما عن ولاية كورنث. ولست أعرف إن كان هذا الخبر صحيحا، وإن كنت أرجو ألا يكون كذلك.
المربية :
وهل يستطيع جيسن أن يرى ابنيه يساء إليهما هكذا، حتى إن كان لا يقيم لأمهما الآن اعتبارا؟
المربي :
إن الصلات القديمة تتلاشى أمام الصلات الجديدة. ولم يعد جيسن لهذا البيت صديقا.
المربية :
إذا انضمت هذه النكبة إلى النكبات السابقة قبل أن يخف وقعها، فسيلحقنا الدمار.
अज्ञात पृष्ठ
المربي :
إذن فلتكوني حريصة؛ إذ لم يحن بعد الوقت لتسمع مليكتنا بهذا النبأ. فضمي شفتيك على الصمت.
المربية :
هل سمعتما طفلي كيف يفكر فيكما أبوكما ؟ ولكني برغم هذا لا أتمنى له شرا؛ فهو مولاي، وإن يكن بأصدقائه غير شفيق.
المربي :
ألا فلتعلمي ما لا يعلم الناس. اعلمي أن كل امرئ يحب نفسه ويعزها أكثر مما يحب جاره ويعزه. بعضهم يدفعه طلب المجد، وبعضهم يدفعه حب الكسب، فأي عجب بعد هذا إن كان الأب لا يحب ابنيه هذين، وقد شغف زوجته الجديدة حبا!
المربية :
ادخلا البيت ولدي، فستسير الأمور على ما نروم. وكن أيها المربي على حذر، وأبعدهما عن أمهما، ولا تقربهما منها حينما تكون الأحزان على نفسها شديدة الوقع. وقد لحظت في عينيها أخيرا قسوة ووحشية تنمان عن أسوأ المكائد لهذين الولدين، وإني على يقين أنها لن تخفف من غضبها حتى تثور عاصفتها على أي إنسان، وأرجو أن تسقط ضربتها على رأس عدو لا على رأس صديق.
ميديا (من الداخل) :
ما أتعسني! وما أشد الكروب التي تفتت قلبي! ما أتعسك يا ميديا. إنهم أفسدوا عليك حياتك.
अज्ञात पृष्ठ
المربية :
أجل، هذا صحيح. إن أمكما يا ولدي في ثورة حنق وغضب، فسارعا بالدخول، ولا تظهرا أمام ناظريها، ولا تقتربا منها، وابتعدا عنها وهي في ثورة الغضب المفزع الهائج. والآن ادخلا سريعا؛ فإن سحابة غضبها آخذة في التكاثف وتنذر بالعاصفة التي سرعان ما تهب بعنف وشدة. ولما كانت الآلام تلهبها، فإن نفسها العاصفة تجرؤ على كل شيء.
ميديا :
ويلتاه! ويلتاه! ما أشد ما أكابد من ألم. وهذه الآلام تتطلب مني الدموع والانتحاب. وأنتما يا ولدي البائسين لتهلكا مع أبيكما؛ فإن أمكما مكروهة ممقوتة، وليصب بيتكما دفعة واحدة بالخراب والدمار.
المربية :
ما أشد شقوتي! لماذا تشركين ابنيك في خطأ أبيهما؟ ولماذا تصبين فوقهما جام غضبك؟ آه، إني لأخشى يا طفلي أن تهدد حياتكما الشرور. إن للملوك نفوسا سريعة الغضب؛ فهم يألون الإمارة، فإن أحسوا بالحد من السلطان - ولو قليلا - اشتعلت في نفوسهم نيران الغضب. وليس من اليسير إطفاؤها. ولذا فإني أوثر على حياتهم حياة متواضعة معتدلة. فإن كنت لا أعيش في الأبهة والعظمة، فإني أنحدر إلى الشيخوخة لا تتحوطني الأخطار . في اسم «الاعتدال» نفسه لنا حماية ووقاية، والسعادة قرينته. ولكن ارتفاع العظمة الشاهق لا يثبت طويلا للإنسان الفاني. وإذا ما حلت بها النكبات الثائرة اندكت أركان البيت في هوة الدمار.
المربية والجوقة
الجوقة :
سمعت صوت ابنة كولكيا التعسة وسمعت صياحها العالي، فخبريني أيتها المربية الوقور، هل لم تجد بعد ما يخفف عنها أحزانها؟ من خصاص الباب سمعت صوتها. ولست أجد بين أحزان هذا البيت سببا للسرور، وإن ما يجري به لا يدعوني إلى الغبطة.
المربية :
अज्ञात पृष्ठ
لم يعد هذا بيتا، فكل ما به قد تلاشى ولم يخلف بعده أثرا؛ فقد اتخذ مولاي بيت الملك بيتا له، وسيدتي البائسة تذيب حياتها في قطرات دموعها وحيدة في مخدعها، لا تزعزعها الحجج يدلي بها خليلاتها لتخفف عن نفسها الحزينة.
ميديا :
وددت لو أن صاعقة من السماء نزلت برأسي! لماذا أريد أن أحيا بعد هذا؟! ما أشد شقوتي! مرحبا بالموت ينقذني برفق من هذه الحياة البغيضة.
الجوقة :
ربي جوف، أيتها الأرض، أيها النور، هل سمعتم هذا الصوت الحزين، صوت هذه السيدة البائسة؟ لماذا تندفعين مولاتي مع قوة الحب الزوجي العنيفة، وتقسين على نفسك وتسارعين بها إلى الموت؟ ارغبي عن هذا. وإذا كان زوجك الآن يسحره سرير غير سريرك، فلا تحملي إساءته في سويداء قلبك؛ فإن جوف سينتقم لك، فلا تجعلي قلبك فريسة للأحزان.
ميديا :
اشهدي يا ثيمس العتية، واشهدي يا ديانا المقدسة، اشهدا ما أعاني من هذا الزوج الدنيء اللعين رغم الأيمان المقدسة التي قيدته بها! كم أتمنى لو رأيته وعروسه يوما مقطعين في بيتهما إربا إربا؛ فقد أرادا أن يسيئا إلي إلى هذا الحد ولم أستفز غضبهما. وا أسفاه على أبي! ويا حسرتاه على وطني الذي هجرته في فرار مشين بعدما ذبحت أخي!
مربية :
هل سمعتم دعاءها، وكيف تناشد ثيمس التي لا تنفك تصغي لنذور الضارعين، كما تناشد جوف الذي ينتقم من الإنسان الفاني على حنثه في اليمين. محال أن يعرف غضبها الملتهب فترة من سكون.
الجوقة :
अज्ञात पृष्ठ
بأي دافع نبعثها على الخروج ؟ لو أنا رأيناها، أو لو أنها سمعت صوتنا لكان من الجائز أن تخف لوعتها أو يفل غضبها بما نقدم لها من أسباب العزاء، فإنا لا نفتقر إلى الإخلاص لأصدقائها. إذن فلتذهبي إليها، واحمليها على الخروج، وبعذب الخطاب سوقيها إلى هذا المكان. أسرعي أيتها السيدة الودود قبل أن يتفجر حنقها على أولئك الذين بداخل الدار؛ لأن أحزانها البالغة تكاد تبلغ عنان السماء.
المربية :
سأحاول ذلك، وإن كنت أخشى ألا تقنعها حجتي. ولكني سأفعل لأن حماستك الودية تتطلب مني هذا الصنيع. واعلمي أنها تبدو كاللبؤة الغاضبة تحمي أشبالها كلما اقترب منها أحد من عبيدها يتحدث إليها. ولو أنك قلت إن الرجال في سابق العهود كانوا على ضلال، قليلي المعرفة، عديمي الحكمة، لما كنت من الخاطئين؛ ذلك لأنهم كانوا يؤلفون الأناشيد المرحة تشنف الأسماع وتدخل البهجة على الحياة ويتغنون بها في الحفلات والولائم والمآدب، ولكنهم لم يستطيعوا بقوة الموسيقى وبعذب الألحان ومختلف الأنغام أن يخففوا من حدة الأحزان التي تفتت القلب فيرتكب المرء جريمة القتل وأعمال القسوة التي ينجم عنها الخراب والدمار. فلو أن الناس استطاعوا أن يخففوا من لوعة النفس الحزينة بعذب الأناشيد، لكانوا على حكمة وصواب؛ إذ من العبث حين يمتد السماط أن نرفع الصوت بالغناء؛ فالمائدة المثقلة بفاخر الطعام تحمل فوقها متعة تنبه بها القلوب إلى الغبطة والسرور.
الجوقة :
سمعت نواحها مخلوطا بالأنين، وهي تبثه من قلب ضيق مكروب. ويتعالى صياحها على زوجها الخائن الذي غدر بسريرها. وتستغيث بالآلهة على هذه الإساءة الدنيئة. وتشهد ثيمس ابنة جوف التي تقوم على رعاية الأيمان. وهي التي ساقتها إلى شواطئ اليونان عبر المحيط الصاخب حينما كانت حلكة الليل تظلم الموج، ودفعت فلكها خلال البواغيز.
ميديا والجوقة
ميديا :
ها أنا ذا يا فتيات كورنث أخرج من الدار حتى لا تلمنني في شيء. وكم عرفت من أبناء الأشراف ممن ضاع بين الناس احترامهم، إما لأنهم انزووا عن أعين الجمهور، أو لأنهم أسرفوا في الظهور. وقد أحب بعضهم الهدوء والحياة الوادعة فوصموا بالتراخي وفقدان الروح؛ ذلك لأن الإنسان لا يستطيع بمجرد النظر أن يحكم بالحق ويصيب في حكمه. ولو أنك كرهت - عند مجرد النظر - شخصا لم يصبك بسوء، ولم تبلغ قرارة نفسه، فأنت من الخاطئين. وعلى الغريب أن يكون شديد الحرص على أن يتطبع بطبع البلد الذي يعيش فيه. كما أني لا أثني على مواطن يأخذه الكبر وضعف الفكر فيكون مع بني وطنه شاذا سفيها. أما أنا، فإني أنوء تحت عبء الكوارث التي ألمت بي بغير ارتقاب. فقدت يا صاحباتي كل ما هو ممتع في الحياة وكل ما هو جليل. والموت الآن أمنيتي، لأن الرجل الذي أودعه قلبي كل ما يفخر به ويعجب قد دل على خيانته وعلى أنه أسفل إنسان في الوجود. وهكذا نحن النساء أشقى الكائنات جميعا التي تدب فيها الحياة وتتميز بالإدراك. فعلينا أولا أن نشتري زوجا بأعز ما نملك، ثم نجعل من هذا الزوج سيدا. وإن في هذا لمشقة. وأمامنا بعدئذ ما هو أشق من هذا؛ وذلك أن هذا الزوج قد يكون رفيقا وقد يكون طاغيا، وقد تسوء العلاقة فتنحل الروابط الزوجية، وفي هذا إيذاء لسمعة المرأة. كما أنها لا تملك أن تسحب يدها من يد زوجها بعد التعاقد؛ ومن ثم فإن أولئك اللائي ينتقلن من أوطانهن ويعشن في بلد جديد يجهلن عادات أهله وشرائعهم بحاجة عند اختيار الزوج إلى روح ملهمة؛ لأنهن لم يعرفن هذا البلد الجديد وهن في الأوطان. فإن كنا بكل حرصنا نظفر بزوج رفيق، زوج لا يخضعنا لنير الحقد والضغينة؛ فالحياة سعيدة حقا. وإلا فالموت إلى نفوسنا أحب. إن الرجل إذا لم يجد في البيت ما يسره هرع إلى الخارج يلتمس الفرج بين أترابه وخلانه، فيصرف عن نفسه كربتها. ولكنا لا نملك إلا أن نوجه أبصارنا إلى فرد واحد. وبرغم هذا يقولون عنا إنا نحيا في بيوتنا حياة مطمئنة، آمنة من الخطر، في حين أنهم يحملون الحراب إلى الحروب. تالله لقد أخطأ الرجال الحكم! وإنه لخير لي أضعافا أن أحمل السلاح في حومة الوغى على أن أكابد آلام الوضع مرة واحدة. ولكنكن لا تحسسن بما في كلماتي هذه من قوة كما أحس، فهذي بلادكن، وتلك بيوت آبائكن، ولكن الثراء الذي يخفف عبء الحياة، ولكن عشرة الخلان الحلوة العذبة. ولكني بائسة منبوذة، مهملة، أساء إلي زوجي إساءة دنيئة بعدما حملت له هدية من بلد غريب. ليس لي هنا أم ولا أخ ولا قريب يقيني هذه النائبة، غير أني أطلب إليكن هذا المعروف اليسير؛ إذا فكرت في مكيدة أو رسمت خطة كي أنتقم لنفسي عدلا من زوجي إزاء هذه الشرور، فالزمن الصمت أمام ذلك الذي وهبه ابنته وتلك التي اقترن بها؛ لأن المرأة بطبعها هيوب، ضعيفة الإعداد لأعمال الشجاعة الباسلة، تخشى السيف المسلول، ولكنها إن أسيء إليها في سرير الزوجية تحس بالغضب يملأ جوانب نفسها وتتعطش للدماء.
الجوقة :
سأفعل هذا. وإنك في طلب الانتقام لعادلة. ولا عجب أن تملأ الإساءة جوانح نفسك بالهم والغم. ولكن، انظري! ها هو ذا كريون ملك هذي البلاد يقبل، ورأسه - على ما يبدو - مفعم بطريف الآراء.
अज्ञात पृष्ठ
كريون وميديا والجوقة
كريون :
إليك يا ميديا أصدر أوامري، إليك يا ذات المنظر الكئيب، يا من ثارت نفسك على زوجك. اغربي عن هذا المكان، واخرجي طريدة من هذه البلاد، واصحبي معك ابنيك، ولا تتلكئي؛ فهذا القرار من عندي، وسوف أضعه موضع التنفيذ. ولا تزوري بيتي بعد هذا حتى يتم إبعادك إلى أقصى حدود هذه المملكة.
ميديا :
يا ويلتي، ويا شقائي! الآن لا بد لي أن أسقط، وا ضيعتاه! إن العدو يطاردني وقد نشر كل أشرعته، ولست أستطيع أن أبلغ ساحلا يحميني. ولكني أسألك يا كريون - برغم إيذائي - لماذا تبعدني من هذه البلاد؟
كريون :
إني أخشاك - ولست أرى داعيا إلى التواء العبارة - أخشى أن تحاولي عملا ضد ابنتي لا ينفع فيه الدواء. وكل الظروف تقوي في نفسي هذه المخاوف؛ فقد عرفت بالعلم، وحذقت المعارف الخطرة، والحقد يلهبك الآن بعدما نحاك زوجك عن مضجعه. لقد نما إلى مسامعي وعيدك الذي ينطوي على الانتقام من الأب الذي زوج ابنته، ومن الرجل الذي اقترن بها ، ومن تلك التي عقدت يدها في يده. وسوف أحتاط حذرا من هذا الشر الموعود، ولأن أتعرض الآن لمقتك خير من أن ألين للفظك المعسول، فأعض فيما بعد بنان الندم على شفقتي الحمقاء.
ميديا :
يا ويلتاه! إن هذا الرأي لا يؤذيني الآن لأول مرة، فلطالما وجست خيفة من شره. وإن العقل ليملي على الأب ألا يغالي في تدريب أبنائه على فنون الحكمة؛ فإنهم إن تعلموها يؤثرون الراحة ولا يجنون من مواطنيهم غير الشر والحسد. وإنك إن أطلعت الحمقى من الخبثاء على حكمة جديدة لم تكشف من قبل كنت غافلا لا حكيما. وإن ذيوع الصيت كثيرا ما يعود بالشر على أولئك الذين يفاخرون بالحكمة البالغة. وإني لأحس هذا لأن معارفي تثير الحسد في قلوب الآخرين. كما يتهمني بعضهم بالتراخي، وبعضهم يصمني بشذوذ الأخلاق، وبعضهم بصلابة الرأي، مع أن معارفي قليلة محدودة. وإنك كذلك لتخافني خشية أن أوذيك بشر مستطير. كلا، لست في هذه المكانة، فلا تخشاني يا كريون، فلست أجسر أن أسيء إلى ذوي الكرامة الرفيعة. وفيم أسأت إلي؟ إنك وهبت ابنتك لمن تشاء. إنما أنا أمقت زوجي، أما أنت فما أحسب إلا أنك قد صدرت فيما فعلت عن صائب الرأي. ولست أحسدك على نجاحك الجميل. ألا فلتعقد ما شئت من صلات المصاهرة، ولتكن فيها سعيد الحظ، وإنما أطلب إليك أن تسمح لي بالإقامة فوق أرضك، وسوف أتحمل إساءتي في صمت، وأخضع للقوة العليا.
كريون :
अज्ञात पृष्ठ
ما أعذب هذه الكلمات، وما أخفها على السمع! ولكني أخشى أن يكون سوء النية كامنا في قلبك. ومن أجل هذا تضعف فيك ثقتي. إن الرجل - أو المرأة - الذي تشتعل نفسه الملتهبة غضبا يدعونا إلى الحذر أكثر مما يدعونا الهدوء الرزين الذي يخفي الكراهية في صمت وسكون. ولذا فإني آمرك أن تغربي على عجل، ولن أسمح بالحديث بعد هذا؛ فإن أمري لن يتزعزع، ولن يفلح كل ما لديك من حيلة في إغرائي بإبقائك، وأنت على ما أنت من خطر.
ميديا :
أستحلفك بابنتك العروس الجديدة! وأجثو عند قدميك.
كريون :
عبثا ما تقولين، فإنك لن تغريني.
ميديا :
أنت إذن تطردني من هنا، ولا تستمع إلى ضراعتي؟
كريون :
إني لا أحبك أكثر مما أحب أسرتي.
ميديا :
अज्ञात पृष्ठ
الآن أذكرك يا بلادي!
كريون :
إني أعز أطفالي أكثر مما أعز بلادي.
ميديا :
وا أسفاه! إن الحب ينزل بالمرء أقسى الآلام.
كريون :
ولكني أرى أن القدر يوجه الحب كما يشاء.
ميديا :
إلهي جوف! اذكر مبعث آلامي هذه.
كريون :
अज्ञात पृष्ठ
اغربي أيتها المرأة العابثة، وخلصيني من همومي.
ميديا :
الهموم نصيبي، ولدي منها قدر وافر.
كريون :
إن حراسي سيجذبونك بالقوة سريعا من هنا.
ميديا :
كلا. لا تأمر بهذا. أتوسل إليك يا كريون.
كريون :
إني أرى أنك ستسببين لنا المتاعب أيتها المرأة.
ميديا :
अज्ञात पृष्ठ
سأغرب من هنا. وما تضرعت إليك من جل هذا.
كريون :
ولماذا هذا النضال إذن؟ لماذا لا تهجرين هذي البلاد؟
ميديا :
هبني يوما واحدا أجمع فيه شتات فكري، وأدبر طريق سيري، وأعد لابني مئونة متواضعة، ما دام أبوهما لا يبدي نحوهما عناية. كن بهما شفيقا، فإن لديك أطفالا، ولست أشك في أنك تحس بعطف الأبوة. إني لا آبه بنفسي؛ إذ لا بد لي من أن أخرج من هنا طريدة، ولكني أبكي من أجل همهما.
كريون :
ليس قلبي وحشيا عديم الإحساس، وإنما تعمره الشفقة التي كثيرا ما آذتني. ولذا فإني الآن أمنحك ما تطلبين، وإن تكن الحكمة تحدثني بأني أسلك سبيل الخطأ. ولكن أصغي إلي جيدا، إذا طلعت عليك وعلى ابنيك شمس الغد المشرقة وأنت ما زلت في هذه البلاد فجزاؤك الموت. هذه كلمتي أصدرها، وسوف تجدينها صادقة. إني أجيزك يوما واحدا إن كانت تدعوك إليه الحاجة. فإنك لن تستطيعي أن تقومي بالفعال الشنيعة التي أخشاها في هذا الزمن الوجيز.
ميديا والجوقة
الجوقة :
أيتها المرأة التعسة، أي طريق تسلكين وأنت بائسة في هذا الموقف اليائس؟ أي بيت وأي بلد كريم سوف تجدين موئلا لأحزانك؟ آه. إن مصيرك ينقلب منحدرا نحو هاوية من الشقاء.
अज्ञात पृष्ठ
ميديا :
إن الشرور تتحوطني من كل جانب. ولكن لا تحسبن أنها هكذا تنتهي . فعلى الزوج وزوجته الجديدة النضال والكفاح، ولن يكون نصيب حلفائهما من الغم القليل. وهل تظنن أني أذل نفسي وأتملق هذا الرجل إلا إن كان نصب عيني غرض أو مكيدة؟ إذا لم يكن هذا فما كنت لأفتح له شفتي أو أمس يده. وإنه لأحمق، فقد كان بوسعه أن يسحق كل مكائدي لو أنه طاردني من هذا المكان. ولكنه منحني هذا اليوم، وفي هذا اليوم سأصب نقمتي على أعدائي الثلاث؛ الأب وزوجي والعروس. ولكن يا صديقاتي لا أدري أية وسيلة أحاول أولا من وسائل الفتك التي أستطيع. هل أقضي على بيت الزوجية هذا بإشعال النيران؟ أم هل أسترق الخطى في أعماق الدجى - وهم جميعا في سبات عميق - وأغمد سيفي الباتر في صدورهم؟ ولكن أمرا واحدا يقف في سبيلي؛ وذلك أنهم لو قبضوا علي في البيت وأنا أقوم بهذا العمل، فإن موتي سيكون ثوابا لأعدائي، ثم أبيت موضع سخرهم بعد هذا. وإذن فلأسلك السبيل الذي يؤهلني له علمي خير التأهيل وأقتلهم بفعل السحر والرقى. فإن تم لي هذا، وقضيت عليهم جميعا، فأي بلد يتلقاني؟ وأي أرض تحميني؟ وأي بيت مخلص يفتح لي بابه الكريم ويحفظ لي حياتي؟ لقد فقدت الأمل. وإذن فلأتريث برهة من الزمن، فإن عثرت بحصن آمن دبرت قتلهم بمكيدة خادعة في صمت وسكون، وإن صرفني نكد الطالع عن هذه المحاولة بقوة لا أستطيع لها ردا؛ فبيدي هذه سأرفع السيف وأقتلهم مخاطرة بحياتي، فإني قد بلغت قمة الجرأة والإقدام. والآن أقسم بهكتي، تلك الآلهة التي أقدسها أكرم تقديس، والتي اخترتها معينة لي، والتي اتخذت لنفسها في مخابئ بيتي الخفية مقاما مهابا، لن يشمخ بأنفه، في هذا الأمر، واحد من أولئك الذين يهصرون قلبي، ولأعلن هذه الزيجة بغيضة لهم باعثة على الأسى، وعلى هذا التعاقد وعلى فراري ليندمن. انهضي يا ميديا، واستنهضي علمك العميق، وتفكري ودبري، واستجمعي قواك المروعة؛ فالنضال يتطلب الآن روحا جريئا. هل تحسين بآلامك؟ إذن فلتبرري مولدك الكريم، ولا تجعلي ابنة «الشمس» سخرية لأبناء سسفس بعد زواج جيسن؛ فإن لديك المهارة ، وإنك لامرأة، وإن الطبيعة التي أمدتنا نحن النساء بقدرة يسيرة على فعل الخير، أعدتنا للانتقام بسرعة الخاطر والحيلة الماكرة.
الجوقة
الفرقة الأولى :
إن الأنهار المقدسة تتدفق مرتدة نحو منابعها صاعدة، والحق لا يسلك طريقه القويم، والعدالة لا تستقيم. لقد تبدل كل شيء؛ فالخداع ملاذ الإنسان، وقد غاض معين الإيمان بالله، ولكنا سنرد الأمر إلى نصابه بما لنا من رفيع المقام، وسوف يجلل الشرف اسم المرأة فلا يعود مهينا، ويرفعه إلى أوج الشهرة ناصعا كريما.
الفرقة الثانية :
ولسوف تبدل «ميوز» ذات الصوت الرخيم النغم القديم، وتتغنى بمآثر النساء الحقة، ولا تتهمهن بالخيانة وتعيرهن في كل لحن. ولو أن فيبس - زعيم الغناء - أمر القيثار العذب أن يخضع لأيدينا، لضربنا نحن كذلك على وتر جديد ولا نعيب فيه على النساء. فما أكثر ما تحدر إلينا من قصص تروي غدر النساء، وإن للرجل المتكبر منها لنصيبا.
الفرقة الأولى :
لقد أقلعت من بيت أبيك الملكي وقلبك ينبض بجنون الحب، وشققت عباب الماء مغامرة وسط الصخور المصطخبة، ولاقيت مخاطر البحار بقلب جسور. ثم ألقيت مراسيك على ساحل غريب، وبعدئذ فارقك كل ما تحبين وكل ما يبعث في نفسك السرور، ونبذت من سرير الزوجية، ونفيت يلحقك العار طريدة من هذه البلاد.
الفرقة الثانية :
अज्ञात पृष्ठ