215

मशारिक़ अनवर

مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع)

فصل

وبيان هذا البرهان أنه تعالى أمر نبيه يوم الدار أن يجمع بني عبد المطلب ويدعوهم إلى الله، فمن سبق منهم إلى تصديقه وأجاب دعوته وصدق رسالته، ورأى نصرته، كان له بذلك أربعة عهد من الله ورسوله، ويكون أخاه وصهره، والحاكم بعده فما أجاب دعوته غير علي فبايعه ونصره وفداه، ووفى بعهد الله فخاض في رضاه الحتوف، وقتل في طاعته الألوف، وكشف عن دينه الكربات، وكسر الرايات، وأخرج الناس من الظلمات، ولما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) تواثبت الضباع على الأسد المناع، والولي المطاع، فعوت على الهزبر الكلاب، وصار ملك أبي تراب، الذي صفي سبحانه بحد الحساب، والقرضاب، إلى ... الذي لم يحمر له حسام يوم الضراب، ولا مر في ملمة (1) إلا انقلب وخاب، ولم يدع إلى كريهة فأجاب.

فوجب في عدل الكريم الوهاب، من باب أوفوا بعهدي أوف بعهدكم أن يوليه يوم القيامة عوضا عن حقه الممنوع في الدنيا حكم يوم الحساب، وإليه الإشارة بقوله: ويؤت كل ذي فضل فضله (2) لأن المواهب الربانية والتحف الإلهية، إما أن تكون استحقاقا أو تفضلا، وكلاهما حاصلان لأمير المؤمنين (عليه السلام)، أما الاستحقاق فإن الله أوجد فيه من الأسرار الإلهية، والقوى الربانية، والخواص الملكية ما لم يوجد في غيره من البشر، حتى تاه ذو اللب في معناه وكفر، وإليه الإشارة بقوله (صلى الله عليه وآله): «خلقت أنا وعلي من جنب الله ولم يخلق منه غيرنا» (3)، وجنب الله معناه علم الله، وحق الله له كإحياء الأموات والإخبار بالمغيبات، وتكلم أذياب الفلوات، وإغاضة ماء الفرات، ورجوع الشمس له بعد الغياب، وإظهار وإيراد المعجبات، وأما التفضل فإن الله يختص برحمته من يشاء، ففوض الله إليه أمر العباد وجعله

पृष्ठ 232