لقد رأى «نصر بن سيار» خطر المنافسين يتعاظم يوما بعد يوم، وشاهد أتباعهم في ازدياد، ودعوتهم في ذيوع وانتشار، فلم يدخر وسعا في تحذير الأمويين من أعدائهم واحتثاث هممهم ليقضوا على الثورة - وهي في مهدها - وكان يرى نجاح دعوة «أبي مسلم الخراساني» واتساع نطاقها، فيبعث التحذير بعد التحذير والإنذار تلو الإنذار، حتى بح صوته وذهبت صيحاته كلها أدراج الرياح!
ولعل أحدا لا يجهل أبياته الصادقة التي ختم بها إحدى كتبه التي بعث بها إلى مروان الجعدي، حين رأى انتشار الدعوة لبني العباس وذيوعها في خراسان سنة 129، وهي قوله:
أرى خلل الرماد وميض جمر
فأحج بأن يكون لها ضرام
فإن النيران بالعودين تذكى
وإن الحرب مبدؤها الكلام
فقلت من التعجب «ليت شعري
أأيقاظ أمية، أم نيام!
ولكن بني أمية كانوا نياما عن عدائهم، منهمكين في إشباع شهواتهم الحقيرة، مشتغلين بالانتقام بعضهم من بعض، لا هم لهم إلا التباغض وإثارة الفتن الداخلية بينهم، حتى جاءهم أمر الله فأمحى ملكهم من المشرق، وقضى عليهم قضاء مبرما في سنة 132ه. وصدق قول القائل: «ولكل أهل بيت مشائيم يغير الله النعمة بهم ولن ينتقل سلطان قوم قط إلا في تشتيت كلمتهم!» كما صح فيهم قول من قال: «أوتيت ملكا، فلم أحسن سياسته
كذاك من لا يسوس الملك يخلعه» (1-2) موقعة الزاب سنة 132ه
अज्ञात पृष्ठ