ولما أوحى الله إلى موسى بالخروج ببني إسرائيل، كان المراد من ذلك أن يذهبوا إلى أرض كنعان، التي وعد الله إبراهيم أن يجعلها ملكا لهم، لكن اليهود قد أغضبوا ربهم؛ إذ عادوا إلى عبادة الأصنام، فأهلك الله أكثرهم. ومنهم من ضل في صحراء سينا 40 سنة.
وقد مات موسى في سينا ولم يعرف قبره إلى الآن، ولم يدخل كنعان إلا يوشع بن نون وكالب بن يفنه من هؤلاء. ولكن دخلها أولادهم وأولاد أولادهم. وبعد موسى قاد يوشع بن نون الإسرائيليين إلى أرض الميعاد «فلسطين» التي قسمها على أسباط الإسرائليين الاثني عشر، وبعد موت يوشع ارتدوا إلى عبادة الأصنام، وقام بينهم قواد وزعماء عرفوا باسم «القضاة» يحكمون الشعب إلى أن قام الملك شاول الأول بعد أن بلغ عددهم 14 في مدة 310 سنين.
وكان بين هؤلاء القضاة شجعان، ظهر بينهم القاضي جدعون، وشمشون الجبار، الذي قيل: إن شعر رأسه كان يعطيه قوة تضاهي قوة مائة رجل، وأنه شق أسدا قسمين، وقتل يوما 30 رجلا. ولما ضاق اليهود بحكم القضاة لجئوا إلى النبي صموئيل، وكان يومئذ قاضيا وزعيما لهم، فاختار لهم شاول «شاءول» بن قيس، ومسحه ملكا عليهم، وهو أول ملوكهم، وكانت مدته 40 سنة، وكان مستقيما ثم عصى الله، وبعد موت شاءول اختار شعب يهوذا داود في سنة 1055ق.م، وبعده سليمان، ثم ابنه رحبعام في سنة 975ق.م. وفي عهده انقسم اليهود مملكتين: (1) الملك يوربعام بن ناباط، ومعه عشرة أسباط وعاصمته السامرة «أو سامر أو ساموريا»، ومملكتهم تدعى مملكة إسرائيل. و(2) رحبعام بن سليمان، ومعه سبطا يهوذا وبنيامين وعاصمته أورشليم، واقتتل الملكان، وزحف الفرعون شيشاق إلى أورشليم ناهبا الهيكل. أما مملكة رحبعام فقد أطلق عليها اسم مملكة يهوذا - كما أوضحنا قبلا.
وكان عدد ملوك إسرائيل 19 ومدتهم 250 سنة، وفي سنة 721ق.م حاصر شلمناصر - ملك آشور - «السامرة» وأسر الأسباط العشرة، وتلاشى أمرهم. وبقيت مملكة يهوذا وعدد ملوكها 19 من ذرية داود. وقد حدث أن ملكهم بهوياقيم أذعن لملك مصر ودفع الجزية، وأن زحف نبوخذ نصر «أو بختنصر» - ملك بابل - إلى أورشليم في سنة 606ق.م، وسبى جانبا من الإسرائيليين، وهذا هو السبي الأول. وبعد 80 سنة زحف في عهد الملك اليهودي يهواكين بن يهوياقيم وأسره مع بعض الإسرائيليين. فأقام المجلس مكانه ابنه هيرودس الكبير، الذي يقال: إنه قد أمر بقتل الأطفال في بيت لحم لكي يميت الطفل «عيسى» الذي أصبح عنوانا للديانة المسيحية.
الاشتراكية والوطن القومي
بعد أن نادى أحد أنصار كارل ماركس، «موسى هيس»، بأن المسألة اليهودية سوف تحل حين يتحقق البرنامج الاشتراكي، الذي يكفل الحرية للإنسانية كلها، عاد بعدئذ فذهب في 1862م في كتابه «روما وبيت المقدس» إلى أن الاشتراكية وحدها لن تضع حدا للمركز الضعيف الذي يشغله شعب لا وطن له، وأنه ينبغي الاعتراف لليهود بالقومية في أرض أجدادهم، تلك القومية التي اعترف بها للإيطاليين واليونان، خاصة بعد فتح قناة السويس.
جاء بعد هذا ربابنة وحاخامات أوروبا الشرقية، فحملوا الاتحاد الإسرائيلي العام الذي كان يسعى لتنوير أذهان اليهود على أن ينشئ مدرسة زراعية باسم «مجتمع إسرائيل» في فلسطين لإعداد الشبان اليهود للتحرير، وقد منحهم سلطان آل عثمان في 1870م قطعة من الأرض لهذا الغرض بجوار يافا. وفي الوقت ذاته أنشأت الهيئات الدينية الأمريكية في 1866م الكلية الأمريكية البروتستانتية، والهيئات الدينية الفرنسية في 1870م جامعة سان جوزيف الكاثوليكية، وذلك لتشجيع الحركة الوطنية العربية التي سارت إلى جنب الحركة اليهودية.
كان توافد اليهود المضطهدين المهاجرين من روسيا ورومانيا على فلسطين قليلا ومتقطعا. وقد هبطوا سهول شارون وتلال ساماريا والخليل. وقد أطلق على قراهم العديدة اسم باب الأمل والخطوة الأولى لصهيون والحجر الركني.
وقبل نشوب الحرب العالمية الأولى في 1914م، بلغ عدد القرى اليهودية، وكأنها الواحات المبعثرة في الصحراء الفلسطينية، 42 قرية. وكان البارون إدموند يمولها بالملايين من الجنيهات. هذا؛ وقد تألفت في أوروبا الشرقية، ثم الغربية، جمعيات محبي صهيون لإسكان يهود روسيا في فلسطين.
اهتمام الإنجليز بالتوراة في فلسطين
अज्ञात पृष्ठ