ثم إن بعض علماء الفرنجة قد أوضحوا: «أن أسفار التوراة قد كتبت بأساليب مختلفة، فلا يمكن أن تكون كتابة واحد.»
قال الأستاذ الشيخ محمد عبده: «إن التوراة التي يشهد لها القرآن، هي ما أوحاه الله إلى موسى ليبلغه قومه. وأما التوراة التي عند القوم اليوم، فهي كتب تاريخية مشتملة على كثير من تلك الشريعة المنزلة؛ لأن القرآن يقول في اليهود: إنهم أوتوا نصيبا من الكتاب، كما يقول: إنهم نسوا حظا مما ذكروا به. ولأنه يستحيل أن تنسى تلك الأمة بعد فقد كتاب شريعتها، جميع أحكامها، فما كتبه «عزرا» وغيره مشتمل على ما حفظ منها على عهده، وإن كان فيه تخليط وتحريف.» (جزء 3 تفسير القرآن للشيخ محمد عبده).
هذا؛ وقد كان خروج موسى مع بني إسرائيل من مصر، ثم نشر تعاليمه في التوراة سنة 1220 قبل الميلاد.
وجاء في التفسير المشار إليه الجزء الخامس عند شرح قوله تعالى:
من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه
بأنه قد أثبت العلماء تحريف كتب العهد العتيق «التوراة» والعهد الجديد «الأناجيل» بالشواهد الكثيرة ، وفي كتاب «إظهار الحق» للشيخ رحمة الله الهندي رحمه الله، مائة شاهد على التحريف اللفظي والمعنوي.
قال (هورن) في المجلد الأول من تفسيره لسفر «تثنية الاشتراع» من التوراة: لا يمكن أن تكون تلك الفقرات من كلام موسى، وإن (عزرا) الكاتب زاد بعض العبارات في التوراة.
هذا؛ وقد جاء في دائرة معارف لاروس تحت كلمة توراة ما يأتي: «العلم العصري - ولا سيما النقد الألماني - قد أثبت بعد أبحاث مستفيضة في الآثار القديمة والتاريخ وعلم اللغات، أن التوراة الحالية لم يكتبها موسى، وأنها عمل أحبار لم يذكروا اسمهم عليها، ألفوها على التعاقب، معتمدين في تأليفها على روايات سماعية، سمعوها قبل سبي بابل.»
تلك هي جملة ما قيل عن «التوراة»، أوردناها لكي يقف القارئ على منزلة هذا الكتاب لا ككتاب دين وحسب، بل ككتاب تاريخ، وخاصة تاريخ اليهود، وهو - إلى هذا - كتاب أدب.
جاء العبريون - كما قدمنا - من الصحراء عابرين الأردن، وهبطوا فلسطين. وكانت لغتهم الآرامية؛ أي لغة آرام بن سام، وهي جماعة القبائل السامية التي تفرقت في أنحاء شتى، فمنها ما استوطن كنعان «فلسطين» بين القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد، ومنها ما نزل العراق حول القرن العاشر قبل الميلاد، كالكلدانيين والآشوريين، وثمة قبائل عاشت في شمال سوريا وقوضت حكم الحيثيين. وقد اتخذ اليهود لغة الكنعانيين - سكان فلسطين الأصليين - لغة عبرية لهم مع تأثرهم باللغة الآرامية، فجاءت اللغة اليهودية مختلفة بعض الاختلاف مع الكنعانية كما أشرنا إلى هذا في ما تقدم.
अज्ञात पृष्ठ