============================================================
المسائا المشكلة زعم الخليل أن (ما) استفهام، و(يعلم) معلقة، فتقديرها على قوله: إن الله يعلم أصناما تعبدون أو إنسانا. والعامل في (ما) قوله: (يدعون وهى موضع نصب به.
فإن قلت: فهل يجوز أن تكون (ما) بمعنى (الذي)، ويعلم منزلة يعرف(1)، فيتعدى إلى مفعول، ولا يقتضي مفعولين، كأنك قلت: يعرفه؟
فإن ذلك ينبغي أن لا يجوز على مذهب سيبويه، والخليل، لدخول (من) في قوله: من شيع، لأن (من) عنده لا تزاد في الايجاب، ألا تراه قال: ولا يفعل هذا من في الواحب، يعنى: لا ثزاد، كما ثزاد الباء فى (بحسبك)، و(كفى بالله)، فلا تكون على هذا (ما) بمعنى (الذي) لأن (من) يصير داخلا فى كلام موجب.
فإن قلت: فارمن) على تأويله أيضا غير داخلة على الاستفهام، ألا ترى: أن الاستفهام إنما يكون باما) وهي تقوم مقام الأسماء المستفهم عنها.
قيل: هذا يحسن، و إن كان الاستفهام في غير (ما)، وكانت هي النائبة عن الاسم المتعلق بالفعل المستفهم عنه، لتعلق ذلك كله بالفعل المستفهم عنه، فقد يحسن لدخول معن الاستفهام في الكلام دخول (من) ما لا يحسن إذا لم يدخل الاستفهام.
فأما قوله تعالى: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) [لسحدة: 17]، فيجوز عندي أن تكون (ما) فيها على وجهين؛ معنى الاستفهام، ومعنى (الذي)، وليس دخول (من) فى هذه على حد دخولها في الآية التي قبلها، إذا حملتها على معنى (الذي)، فمن قرا: أخفي لهم وقدر (ما) نصبا با أخفي)، ومن قرأ: (أخفى لهم) على هذا التقدير كان مبتدأ.
وزعم الفراء: أن ارتفاعه على هذه القراءة على هذا الحد بلأخفى)، وذلك يفسد عندنا، كما فسد أن يكون (زيد) فى قولنا: زيد ضرب، مرتفعا بضرب من الجهات التي ذكرها أبو العباس في أماليه وكتبه.
وسألت أبا بكر عن قوله: (قل إئما الآيات عند الله وما يشتعركم [الانعام: 109] فقال: (ما) فيها استفهام، ولا يجوز أن يكون نفيا، لأن الفعل ييقى بلا فاعل.
فإن قال قائل: ما تنكر أن تكون (ما) نافية، وفاعل (يشعر كم) اسم الله عز (1) العرفان: إدارك الشيء بتفكر، وتدبر لأثره، فهو أخص من العلم، ويضاده الإنكار.
पृष्ठ 94