(٤٦) المنهي عنه من العادات والعبادات ثلاثة أنواع:
أحدها: ما لا يباح بحال كالكفر بالقلب، ومن هذا لو أكره على محرم كالميتة، وقلنا يباح كقول الأكثر وهو الأصلح، وقيل لا تباح الأفعال المحرمة بالإكراه، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ ١ أي لمن يكره على الفاحشة، لكن اعتقاد التحريم والكراهة للفعل لا بد منها، فإن إنكاره للمنكر من فعل غيره - بالقلب لا بد منه، فكيف فعله؟ ولهذا يكره الإنسان ابتداء على ذلك ثم يفعلها باختياره، كما في الإكراه على الحق؛ فإن الحربي يقاتل حتى يسلم، ثم ينشرح صدره للإسلام، فينفعه هذا دون الأول. كذلك الإكراه على المعاصي وهذا أصل عظيم يجب مراعاته. الثاني: ما يباح عند الضرورة كالميتة، وليس له أن يعتقد تحريمها حينئذ، ولا يكرهها.
الثالث: المباح للحاجة كالحرير للنساء، ويسيره للرجال، والله أرسل رسوله رحمة للناس، فإذا كان من المحرمات ما يحتاج إليه ورجحت المصلحة أبيح، فالصلاة وقت النهي من هذا القسم؛ فإن جنسها مباح بالإجماع، كالعصر عند الغروب، والجنايز بعد الفجر والعصر، فامتنع أنه من الذي لا يباح بحال، أو يباح ضرورة، فإذا كانت الحاجة لمصلحة دنيوية يكون حاجة، فالدينية أولى، فإن ما يفوت الزوجة من عدم لباسها الحرير لا نسبة إلى ما يفوته من مصالح هذه العبادات، قال تعالى: ﴿انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ ٢ الآية، وبهذا يظهر الفرق بين ذات السبب
_________
١ أبو داود: النور آية: ٣٣.
٢ سورة الإسراء آية: ٢١.
1 / 33