وبعد ثلاثة عقود عدت للقرية لأرى بيوتها وقد إزدانت بالمفارج والعمارات الأسمنتيه لكنني فقدت منظر المدرجات الزراعية المتناسقة وأصبح الإخضرار جزرا متباعدة .. وصلتها الكهرباء ووسائل العصر مثل أطباق إستقبال القنوات الفضائية والإتصالات .. وسألت عن سبب إختفاء الكثير من المزارع ... وأصطحبني أحدهم وكان مغتربا لجولة فأطلعت على مناظر مزرية أكثر المدرجا ت أهملت بسبب الغربة ثم جرفتها السيول المتدفقة من ممرات سير العربات الحديثة .. التي أسمع أزيزها وزمرها عوضا عن خوار البقر وثغاء النعاج .. نعم السيول جرفت المدرجات المهملة فشباب القرية ذهبوا للغربة ... وأما الطعام فهناك القمح المستورد .. يإلاهي لقد نكبت القرية من حيث لاتدري .. لامواشي لامزارع ... لكن ا لأفضع والأشنع هو وقت العمل .. هؤلاء الريفيين لم يعودوا يعملون لترميم حقولهم وإذا عمل الفرد فلساعات محدودة وقبل الظهر يذهب لشراء القات .. وبعد الظهر يقضي وقته بمقائل القرية العامرة .. وتسآلت كم هي فداحة الأ مر .. تلك المدرجات المنجرفة كم يوازي سعرها نقدا . . وأعانني شخص من أهل القرية .. حصرنا خسارة القرية من مزراع أهملت ومواشي سرحت ووقت أهدر فتوصلنا لنتيجة كارثية .. ثم حسبنا كم يستهلك الفرد من طعام مستورد .. أصبت بالصداع .. لكن قمنا بعمل تقييم لما تمت من منجزات الغربة .. فوجدنا معدلا محزنا .. وجدنا أن القرية خسرت ثلاث أرباع مقابل ربع كدخل قدمته الغربة .. أي أن القرية خسرت 75
من مقومات الحياة مقابل دخل أتى به المغتربين لايوازي 25
.. والقرية خسرت بيئتها الطبيعية الإقتصادية المعتمدة على الذات مقابل أجهزة تلفزيون وسيارات وجلسات سمر لتبذير الوقت .. وفقدت مقومات العيش الذاتي ، ومن يبحث عن لقمة العيش عليه التفكير بالإغتراب . ..
पृष्ठ 46