قالت: وما هو هذا الأمر أيها الأستاذ الشفوق؟
قال: يا سيدتي، إن الملك في عزمه أن يهلك ما في بطنك، وذلك بسبب حلم رآه.
ثم أخبرها بكل ما تم، وصمم عليه الملك، وكيف أرسل في طلبها لأجل هذه الغاية، وأشار عليها بعد ذلك أن تهرب بولدها؛ لأنه سيكون له شأن عظيم، فارتبكت «مندان» في أمرها المزعج، وقالت: وا ويلتاه! ماذا أصنع؟! وكيف العمل؟! أرشدني إلى طريق الصواب وإلى أين أذهب!
قال: يا سيدتي خفضي عنك ولا ترتاعي، فعندي رأي مفيد أعرضه عليك، وهو: أني سآتيك بالدهان الذي استعملناه في إخفاء الأولاد حينما كنا في معبد النار، وبعد أن تطلي به جمسك، وتلبسي ملبوس الخادمات، وسأرسل أحد خدمي الأمناء ينتظرك خارج القصر، وتخرجي ليلا، والحذر ثم الحذر من أن يعلم أحد بما دار بيننا؛ لئلا يعلم الملك فيهلكنا جميعا؛ لأنه مهتم لهذا الأمر أشد الاهتمام.
ثم ودعها وخرج، ودخلت هي إلى مخدعها، وأخرجت ما يلزم لها في السفر، وطلت جسمها بذاك الدهان الذي أتاها به أستاذها، وكان الخادم في انتظارها خارج القصر، ففتحت النافذة المشرفة على الحديقة الخارجية، ورمت حصاة، فأجابها من الخارج الخادم، وكان تحت النافذة شجرة مرتفعة جدا تكاد أن تفوق ارتفاع القصر، وكان اتفاقها مع أستاذها أن تنزل من تلك الشجرة.
والخادم ينتظرها بسلم لتسهيل نزولها إلى أسفل خوفا عليها أن يلم بها ضرر وهي حامل، وحفظا للجنين.
الفصل الثالث
في خروج مندان، ومولد كورش
فلنترك «مندان» هنا ونرجع للوزير «أرباغوس»، فإنه بعد أن أشار على الملك بقتل حفيده طرق عليه الخوف، ورجع إلى فكره، وقال في نفسه: ماذا فعلت في أمر الملكة، وماذا يصيبني إذا عملت بما دبرته لها ولولدها، وكيف بي إذا تولت زمام الملك بعد والدها، وليس له وريث سواها؟!
ولما عظم لديه هذا الفكر ضاق له صدره، ودخل على زوجته، وأخبرها بما كان، وأطلعها على ما لاح في فكره من أمر الانتقام لو علمت الملكة بما دبر لها، فقالت له: تلاف الأمر أيها الوزير، وأخبر «مندان» بما يريد الملك، ومن ثم تكون هي على نفسها بصيرة، فتدبر أمرها بنفسها، وتكون لك من الشاكرين.
अज्ञात पृष्ठ