آنفا، فقد وضح افتراق الموضعين، وتعين ورود رغدًا فى البقرة إذ ليس ثم ما يحرزه وتعين سقوطه فى الأعراف لوجود ما بحرزه. والله أعلم بما أراد.
الآية السابعة:
قوله تعالى: "قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم منى هدى ".
وفى الأعراف "قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو " وفى سورة طه "قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو ".
ويسأل عن أى شئ لم ترد هذه الزيادة فى قوله فى البقرة: "قلنا اهبطوا منها جميعا "؟
والجواب عن ذلك: أنه لم يرد ذلك هنا اكتفاء بما فى الآية قبلها وهو قوله: "وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ".
فلو قيل ذلك فى الآية بعدها مع الاتصال والتقارب لكان تكرارا لا يحرز فائدة لم تحصل بخلاف ما فى سورة الأعراف وسورة طه فورد كل على ما يجب ويناسب والله أعلم.
الآية الثامنة:
قوله تعالى فى البقرة: "فمن تبع هداى " وفى سورة طه: "فمن اتبع هداى ".
هنا سؤالان: ما فائدة اختلافهما وما وجه تخصيص كل موضع منهما بما اختص به؟
والجواب عنه والله أعلم: أن تبع واتبع محصلان للمعنى على الوفاء، و"تبع " فعل وهو الأصل و"اتبع " فرع عليه لأنه يزيد عليه وهو منبئ عن زيادة فى معنى فعل بمقتضى التضعيف فعلى هذا وبحسب لحظة ورعيه ورد فمن تبع وفمن اتبع وتقدم فى الترتيب المتقرر فمن تبع لإنبائه عن الاتباع من غير تعمل ولا تكلف ولا مشقة، وأما اتبع فإن هذه البنية أعنى بنية افتعل تنبئ عن تعمل وتحميل للنفس فقدم ما لا تعمل فيه وأخر اتبع لما يقتضيه من الزيادة ولم تكن إحدى العباراتين لتعطى المجموع فقدم ما هو أصل وأخر ما هو فرع عن الأول وكلاهما هدى ورحمة وورد كل على ما يناسب ويلائم.
وجواب ثان ينبئ عليه ما تقدم فيكون جوابا واحدا وهو ان اتبع مزيد منبئ عن التعمل والعلاج كما تقدم ولا يفهم ذلك من تبع الذى هو الأصل وانما ينبئ فى الأظهر عن قضية يتلو فيها التابع المتبوع متقيدا به فى فعله من غير كبير تعمل ولا علاج وكل من العبارتين أعنى تبع واتبع إنما يستعمل فى الغالب حيث يراد مقتضاه مما بينا، ألا ترى قول الخليل ﵇ فى اخبار الله تعالى عنه: "فمن تبعنى فانه منى " حين أشار بقوله "فانه منى " إلى الخاصة من سالكى سبيله باتباعه القديم، فعبر بما يشير إلى غاية التمسك والقرب حين قال: "منى " فناسب ذلك قوله: "تبعنى " يريد الجرى على
1 / 30