لها ولا ناسخ. فالانتقال من مذهب إلى مذهب آخر لأمر ديني -بأن تبين له رجحان قول على قول فيرجع إلى القول الذي يرى أنه أقرب إلى الدليل- مثاب على فعله بل واجب على كل أحد إذا تبين له حكم الله ورسوله في أمر أن لا يعدل عنه ولا يتبع أحدًا في مخالفته الله ورسوله فإن الله فرض على الخلق طاعته وطاعة رسوله ﷺ في كل حال كما تقدم ذكره.
وقد ذكرنا أن الشافعي ﵀ قال: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله ﷺ لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس.
الانتقال من مذهب إلى آخر وأما الانتقال من مذهب إلى مذهب لمجرد الهوى أو لغرض دنيوي فهذا لا يجوز وصاحبه يكون متبعًا لهواه وقد نص الإمام أحمد ﵀ على أنه ليس لأحد أن يعتقد الشيء واجبًا أو محرمًا ثم يعتقده غير واجب أو محرم بمجرد هواه، وذلك مثل أن يكون طالبًا للشفعة بالجوار فيعتقدها أنها حق ويقول مذهب أبي حنيفة في هذه المسألة أرجح من مذهب الجمهور ثم إذا طلبت منه الشفعة بالجوار اعتقد أنها ليست ثابته وقال مذهب الجمهور في هذه المسألة أرجح. ومثل من يعتقد إذا كان أخًا مع جد أن الأخوة تقاسم الجد كما هو مذهب الأئمة الثلاثة فإذا كان جدًا مع أخ اعتقد أن الجد يسقط الأخوة كما هو مذهب أبي حنيفة. فهذا نحوه لا يجوز، وصاحبه مذموم، بل يجب عليه أن يعتقد الحق فيما له وعليه ولا يتبع هواه ولا يتبع الرخص، فمتبع الرخص مذموم والمتعصب للمذهب مذموم، وكلاهما متبع هواه. والمتعصبون لمذاهب الأئمة تجدهم في أكثر المسائل خالفوا نصوص أئمتهم واتبعوا أقوال المتأخرين من أهل مذهبهم فهم يحرصون على قاله الآخر فالآخر وكلما تأخر الرجل أخذوا بكلامه وهجروا أو كادوا يهجرون كلام من فوقه فأهل كل عصر إنما يقضون بقول الأدنى فالأدنى إليهم وكلما بعد العهد ازداد كلام المتقدمين هجرًا ورغبة عنه حتى إن كتب المتقدمين لا تكاد توجد عندهم فإن وقعت في أيديهم فهي مهجورة. فالحنابلة قد اعتمدوا على ما في الإقناع والمنتهى ولا ينظرون فيما سواهما ومن خالف مذهب المتأخرين فهو عنهم مخالف لمذهب أحمد ﵀ مع أن كثيرًا من المسائل التي جزم بها المتأخرون مخالفة لنصوص أحمد يعرف ذلك من عرفه. وتجد كتب المتقدمين من أصحاب أحمد مهجورة عندهم بل قد هجروا كتب المتأخرين فالمغني والشرح والإنصاف والفروع ونحو هذه الكتب التي يذكر فيها أهلها خلاف الأئمة أو خلاف الأصحاب لا ينظرون فيها. فهؤلاء في الحقيقة أتباع الحجاوي وابن النجار لا اتباع الإمام أحمد وكذلك متأخرو الشافعية هم في الحقيقة اتباع ابن حجر الهيتمي صاحب التحفة واضرابه من شراح المناهج فما خالف ذلك من نصوص الشافعي لا يعبئون به شيئًا وكذلك متأخرو المالكية هم في الحقيقة اتباع خليل فلا يعبئون بما خالف مختصر خليل شيئًا ولو وجدوا حديثًا ثابتًا في الصحيحين لم يعملوا به إذا خالف المذهب
الانتقال من مذهب إلى آخر وأما الانتقال من مذهب إلى مذهب لمجرد الهوى أو لغرض دنيوي فهذا لا يجوز وصاحبه يكون متبعًا لهواه وقد نص الإمام أحمد ﵀ على أنه ليس لأحد أن يعتقد الشيء واجبًا أو محرمًا ثم يعتقده غير واجب أو محرم بمجرد هواه، وذلك مثل أن يكون طالبًا للشفعة بالجوار فيعتقدها أنها حق ويقول مذهب أبي حنيفة في هذه المسألة أرجح من مذهب الجمهور ثم إذا طلبت منه الشفعة بالجوار اعتقد أنها ليست ثابته وقال مذهب الجمهور في هذه المسألة أرجح. ومثل من يعتقد إذا كان أخًا مع جد أن الأخوة تقاسم الجد كما هو مذهب الأئمة الثلاثة فإذا كان جدًا مع أخ اعتقد أن الجد يسقط الأخوة كما هو مذهب أبي حنيفة. فهذا نحوه لا يجوز، وصاحبه مذموم، بل يجب عليه أن يعتقد الحق فيما له وعليه ولا يتبع هواه ولا يتبع الرخص، فمتبع الرخص مذموم والمتعصب للمذهب مذموم، وكلاهما متبع هواه. والمتعصبون لمذاهب الأئمة تجدهم في أكثر المسائل خالفوا نصوص أئمتهم واتبعوا أقوال المتأخرين من أهل مذهبهم فهم يحرصون على قاله الآخر فالآخر وكلما تأخر الرجل أخذوا بكلامه وهجروا أو كادوا يهجرون كلام من فوقه فأهل كل عصر إنما يقضون بقول الأدنى فالأدنى إليهم وكلما بعد العهد ازداد كلام المتقدمين هجرًا ورغبة عنه حتى إن كتب المتقدمين لا تكاد توجد عندهم فإن وقعت في أيديهم فهي مهجورة. فالحنابلة قد اعتمدوا على ما في الإقناع والمنتهى ولا ينظرون فيما سواهما ومن خالف مذهب المتأخرين فهو عنهم مخالف لمذهب أحمد ﵀ مع أن كثيرًا من المسائل التي جزم بها المتأخرون مخالفة لنصوص أحمد يعرف ذلك من عرفه. وتجد كتب المتقدمين من أصحاب أحمد مهجورة عندهم بل قد هجروا كتب المتأخرين فالمغني والشرح والإنصاف والفروع ونحو هذه الكتب التي يذكر فيها أهلها خلاف الأئمة أو خلاف الأصحاب لا ينظرون فيها. فهؤلاء في الحقيقة أتباع الحجاوي وابن النجار لا اتباع الإمام أحمد وكذلك متأخرو الشافعية هم في الحقيقة اتباع ابن حجر الهيتمي صاحب التحفة واضرابه من شراح المناهج فما خالف ذلك من نصوص الشافعي لا يعبئون به شيئًا وكذلك متأخرو المالكية هم في الحقيقة اتباع خليل فلا يعبئون بما خالف مختصر خليل شيئًا ولو وجدوا حديثًا ثابتًا في الصحيحين لم يعملوا به إذا خالف المذهب
1 / 54