الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها" فقد أبعد النجعة فإن هذا الحديث لا حجة فيه لمن يقول بقتله كما سيأتي بيانه وبسطه إن شاء الله.
واحتج الجمهور على قتله بالكتاب والسنة.. أما الكتاب فقوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ-إلى قوله- فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ فشرط الكف بالتوبة من الشرك وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة، فإذا لم توجد هذه الثلاث لم يكف عن قتلهم، ولم يخل سبيلهم. قال ابن ماجه: حدثنا نصر بن علي حدثنا أبو أحمد حدثنا الربيع بن أنس عن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ "من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده، وعبادته لا شريك له، وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة مات والله عنه راض" قال أنس: وهو دين الله الذي جاءت به الرسل، وبلغوه عن ربهم قبل هرج الأحاديث واختلاف الأهواء، وتصديق ذلك في كتاب الله في آخر ما أنزل الله ﴿فَإِنْ تَابُوا﴾ قال خلعوا الأوثان وعبادتها ﴿وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ وقال في آية أخرى ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾ .
وأما السنة فثبت في الصحيحين عن ابن عمر ﵄ أن النبي ﷺ قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله" فعلق العصمة على الشهادتين والصلاة والزكاة.
وقد بعث النبي ﷺ كتابًا فيه "من محمد رسول الله إلى أهل عمان. أما بعد فأقروا بشهادة أن لا إله إلا الله والنبي رسول الله وأدوا الزكاة، وخطوا المساجد وإلا غزوتكم" خرجه الطبراني والبزار وغيرهما، ذكره الحافظ ابن رجب الحنبلي في شرح الأربعين.
وروى ابن شهاب عن حنظلة عن علي ابن الأشجع أن أبا بكر الصديق بعث خالد بن الوليد وأمره أن يقاتل الناس على خمس: فمن ترك واحدة تقاتله على الخمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ﷺ، واقام الصلاة، وايتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام. فقال سعيد بن جبير قال عمر بن الخطاب: لو أن الناس تركوا الحج لقاتلناهم على تركه كما نقاتل على الصلاة والزكاة.
وبالجملة فالكتاب والسنة يدلان على أن القتال ممدود إلى شهادتين والصلاة الزكاة، وقد أجمع العلماء على ذلك. قال في شرح الإقناع: أجمع العلماء على أن كل طائفة ممتنعة عن شريعة من شرائع الإسلام فإنه يجب قتالها حتى يكون الدين كله لله كالمحاربون وأولى.. انتهى.
1 / 23