التابعين يكفرون تارك الصلاة مطلقًا. ويحكمون عليه بالارتداد. منهم: أبو بكر وعمر وابنه عبد الله وعبد الله بن عباس ومعاذ بن جبل وجابر بن عبد الله وعبد الرحمن بن عوف وأبو الدراداء وأبو هريرة وغيرهم من الصحابة. ولا نعلم لهؤلاء مخالفًا من الصحابة. وأجابوا عن قوله ﷺ "من لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له" إن المراد عدم المحافظة عليهن في أوقاتهن بدليل الآيات والأحاديث الواردة فيها وفي تركها. واحتجوا على كفر تاركها بما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله ﷺ "بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة" وعن بريدة بن الحصيب قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر" رواه الإمام أحمد وأهل السنن، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح إسناده على شرط مسلم. وعن ثوبان مولى رسول الله ﷺ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "بين العبد والكفر والإيمان الصلاة، فإذا تركها فقد كفر وأشرك" وإسناده صحيح على شرط مسلم.
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص ﵁ عن النبي ﷺ أنه ذكر الصلاة يومًا فقال: "من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورًا ولا برهانًا ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف" رواه الإمام أحمد وأبو حاتم ابن حبان في صحيحه، وعن عبادة بن الصامت قال: أوصاني رسول الله ﷺ فقال: "لا تشرك بالله شيئًا، ولا تترك الصلاة عمدًا فمن تركها عمدًا فقد خرج من الملة" رواه عبد الرحمن بن أبي حاتم في سننه. وعن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله ﷺ " من ترك الصلاة مكتوبة متعمدًا برئت منه ذمة الله" وراه الإمام أحمد. وعن أبي الدرداء قال: أوصاني أبو القاسم يعني رسول الله ﷺ أن لا أترك الصلاة متعمدًا فمن تركها متعمدًا فقد برئت منه الذمة. رواه ابن أبي حاتم. وعن معاذ بن جبل عن النبي ﷺ أنه قال: " رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة" الحديث. وعن عبد الله بن شقيق العقيلي قال: كان أصحاب محمد ﷺ لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة رواه الترمذي.
فهذه الأحاديث كما ترى صريحة في كفر تارك الصلاة مع ما تقدم من إجماع الصحابة، كما حكاه إسحاق بن راهوية وابن حزم وعبد الله بن شقيق، وهو مذهب جمهور العلماء من التابعين ومن بعدهم.
ثم اعلم أن العلماء كلهم مجمعون على قتل تارك الصلاة كسلًا إلا أبا حنيفة ومحمد بن شهاب الزهري وداود فإنهم قالوا: يحبس تارك الصلاة المفروضة حتى يموت أو يتوب. ومن احتج لهذا القول بقوله ﷺ: "أمرت أن أقاتل
1 / 22