دعوة إلى الإنصاف والتحكيم
وإن هؤلاء إنما فارقونا عند شهادتنا على أهل الموجبات التي أحل الله تبارك وتعالى أصحابها النار، والقتلة والزناة وشراب الخمر والذين يعملون عمل قوم لوط، والذين يسعون في الأرض فسادا، ويسفكون الدماء، والذين يأكلون الربا، إنا شهدنا عليهم بما أنزل الله تبارك وتعالى فيهم من النقمة والعذاب وتبرأنا منهم، ففارقنا أهل البدع والباطل منهم، وغضبوا لهم وشهدوا أن إيمانهم ثابت عند الله تبارك وتعالى - كإيمان جبريل وميكائيل والملائكة المقربين صلوات الله وسلامه عليهم، وأدخلوهم في ولايتهم حين تبرأنا منهم.
فلا يحل لمؤمن يؤمن بالله تعالى واليوم الآخر يقرأ عليه هذا الكتاب إلا أقام الشهادة لله الحق، أنحن أولى بالحق بتبرئنا ممن سخط الله عليه وأوجب له العقاب، أم هؤلاء الذين أدخلوهم في دينهم وتولوهم فلم يتبرأوا منهم؟
وأني لم أجد لهم مثلا إلا امرأة كان لها ابن عاق، فاستعدت عليه ملك قومها، فأرسل معها شرطيا، وقال: ائتني به لأضربنه ضربا شديدا أسيل دمه. فلما أيقنت بالشر لابنها خرجت من عند الملك، فقالت لأول شاب لقيته لا تعرفه ولا تدري من هو: هذا إبني. فأخذه الشرطي فذهب به إلى الملك، فلما دخل الشاب على الملك قال للملك: والله ما هذه بأمي ولا أعرفها ولا أدري أي الخلق هي، فقالت المرأة: ألا تبين عقوقه؟ إنه تبرأ مني. فاشتد غضب الملك عليه فجلده حتى سيل دمه، وحمل المرأة على عنقه، ثم قال للشرطي : إذهب به فطف به في الناس، وقل له ينادي على نفسه: من رآني فلا يعق والدته، فجعل الشاب ينادي من رآني فلا يعق والدته، وينادي: من لم تكن له أم فليأت الملك حتى يجعل له أما.
فمن كان من الفساق الذين انتهكوا محارم الله كلها فليأت أهل البدع والباطل فإنهم سيشهدون له أن ليس أحد - من الملائكة المقربين والنبيين - أفضل إيمانا منه عند الله تبارك وتعالى.
पृष्ठ 45