--- وعلى الجملة { ففوق كل ذلك علم عليم } , وإنما يحرم بيع الكراع والسلاح من الكفار لما فيه من التقوية لهم والتمكين، فأما إذا كان ذلك لمصالح المسلمين, ولما يقع من التخذيل للمفسدين, والتوهين لأعداء رب العالمين، فذلك من عظيم الواجبات عند رب العالمين، لأن ما لا يتم الواجب إلا به يكون واجبا كوجوبه، والأمر فيه ظاهر.
وأما ما ذكرت من إجماع أهل البيت عليهم السلام أن ذلك لا يجوز، فليس ذلك على الإطلاق، وإنما لا يجوز متى لم يكن على الوجه الذي ذكرناه وما يجانسه.
وأما ما ذكرت أيدك الله من موالاتك لنا, وأن محبتك لنا لا تتم إلا بعد التخلص مما يجب التخلص منه، أو بأن نبين لك وجها يكون عذرا لك عند الله تعالى، فقد كشفنا لك وجوه الأعذار، وبينا ما فيه كفاية لأولى الأبصار، ولا نميل أيضا عن الخلاص للنفس فيما يجب علينا, ونتحقق وجوبه لدينا، ولو كان ينجينا عند الله عز وجل أن نقول : إنا عصيناه فيما توهمت فيه المعصية، ويكون ذلك سترا لنا من النار لفعلنا، ولكنها حكمة سبقت من أمير المؤمنين عليه صلوات رب العالمين: (( لا يحسن الإقرار بالذنب إلا من ذي الذنب )) ، وإلا فما كان ضر ابن أبي طالب عليه السلام أن يقول: إنه كفر, إذا كان بمثل ذلك يجتمع له الأمر ويظهر، لولا أنه لا يجوز الإيهام على النفس والتوهين لأمر الدين، والتصغير بأهل المنزلة من المؤمنين.
وأما ما ذكرته من الولاة، وأنه لا يجوز أن نولي إلا أهل الكفاية والتقوى، وأنه لا يجوز أن يولي رجل وفي المسلمين من هو أصلح لذلك منه، وشرحه وفصله، فنحن نختصر الكلام فيه, مع بيان معانيه.
पृष्ठ 57