--- فأما ما ذكرته من جهة الكتاب الواصل من الإخوان, وما جرى من نبذه وترك جوابه، والكلام على الفقيه أحمد بن مسعود, فما ذلك أبقاك الله بمستنكر لمن هو في مثل مقامنا ولا أكثر منه، ونحن منتصبون لتأديب المسلم, ورد الشارد، ورد الناسي والغافل، وذلك يكون تارة بطرح الرقع ومرة بترك الجواب، وحينا بالشدة بالكلام، وقد كان علي عليه السلام يؤدب بالدرة، وكذلك عمر بن الخطاب بمحضر الصحابة، ويؤدبون بالجلد وبالحبس وبالكلام، وهذا من الظاهر بين الأنام، والرجلي يعمل مثل ذلك بولده وهو من أهل مؤدبه، ولا يدل ذلك على عداوته وبغضته, ولسنا بدون الشيخين أبي بكر وعمر، ولا أحمد بن مسعود يبلغ منزلة سعد بن أبي وقاص، وأنت تعرف (( الحديث في ذلك )).
فأما حديث الصاعنين وأهل العرضى، فذلك مما لا نرجع إلى الشيخ ولا إلى سواه فيه، لأنه مما يرجع إلى نظرنا ومعرفتنا، ونحن أسكناهم الجهة, وجعلنا لهم خمس ما يحصل في زرائع الرعية, وعليهم حفظهم والجهاد أيضا والخدمة، ولو تركناهم للحقهم ما لحق أهل بيت أكلب، وأهل المحظور في هذه الأيام، أما من طلب ظاهر الإنكار بغير بصيرة، فذلك مما لا يلتفت إليه.
فأما ما ذكرت أيدك الله من قبل الأمر بالخيل إلى الغز، وقولك: إن ذلك لا يجوز خصوصا في وقت الهدنة، وأن الإمام سلام الله عليه ما كان يفعل ذلك إلا لأجل الضعف في الإسلام، وما أشبه هذا الكلام.
فنحن نعرفك أسعدك الله من ذلك ما لم تعرفه، وهو أنا ما أمرنا بشيء من الخيل إلا لمصالح عائدة على الإسلام، لكافينا الكفرة الطغام ، فنتحت هذه الأفعال التي يراها وجوه حسنة يخفى عليه وعلى أجناسه، ويجب الحمل فيها على السلامة، ولو جعل الدين والورع, لكان أسلم له وأوسع، وليس من رأى الزراع يطرحون البذر في التراب يصلح أن يعدهم من أهل التبذير، وإذا قطع الحكيم اليد المأكولة يعد من أهل التعزير, والتقصير.
पृष्ठ 56