[ذكر قول المطرفية في القرآن وبيان بطلانه]
وأما المطرفية: فزعموا أن هذا القرآن حكاية عن القرآن الذي زعموا أنه صفة لقلب الملك الأعلى.
واعلم أن هذا تكلف منهم لتفسير القرآن بما تقدم ذكره من حكاية قول الفلاسفة بالعقل الأول، وذلك العقل عند بعضهم هو الملك الأعلى، وهو إسرافيل، ودلسوا نفوسهم ومذهبهم بادعائهم أنهم زيدية ومسلمون، ليستحوذوا بذلك على عقل من أضلوه من أغمار المقلدين، وقولهم هذا وما أشبهه من تدليساتهم اختراص وتوهم ودعاوى لا دليل لهم على صحتها من عقل ولا سمع فيشكل على [كل] عاقل أو يحتاج إلى جواب، وذلك لأنهم يعجزون عن صفة الملك الأعلى فضلا عن صفة قلبه.
ومما يوضح ذلك أنهم لا يتكلمون به و[لا] يعلمونه إلا من قبله
[منهم]، فأما من طلب منهم عليه الحجة أو عرفوا أنه قد عرف من أين أخذوه فإنهم لا يسعفون للكلام فيه معه، ومنهم من يجحده إذا أمكنه ذلك، ويوهمون أتباعهم أن مشائخهم أوصوهم بأن لا يتكلموا في ذلك مع الجهال، وكذلك جميع غلاة الباطنية والصوفية؛ فاعرف ذلك.
[الكلام في معنى أن الله سبحانه مريد وذكر الأقوال في ذلك]
وأما وصف الباري سبحانه بأنه مريد: فالخلاف في الإرادة لا في المريد، وفي ذلك ثلاثة مذاهب:
الأول: قول أئمة العترة - عليهم السلام - إنه سبحانه مريد لا بإرادة كما أنه فاعل لا بآلة، ومتكلم لا بآلة، وقادر لا بقدرة، وذلك لأنه سبحانه لو كان مريدا بإرادة لم تخل تلك الإرادة إما أن تكون معقولة فليس المعقول إلا ما أشبه إرادة المخلوق - تعالى الله عن ذلك -، وإما أن تكون غير معقولة فيكون الكلام فيها غلوا وعبثا وتجاوزا لحد العقل وحد التكليف.
पृष्ठ 71