قالوا: وقد ثبت بالدليل أن محدث العالم لا يجوز أن يكون محدثا لما في ذلك من تجويز حاجة كل محدث إلى محدث إلى ما لا نهاية له وهو محال بين، وإذا بطل أن يكون محدثا وجب باضطرار أن يكون قديما لعدم الواسطة، وهذا الدليل هو الذي يستدلون به على ما أشبه هذه المسألة من [جميع] مسائل التوحيد.
قالوا: ولا سبيل لأحد إلى تجويز التفكر في كيفية قدم الباري
سبحانه لأنه قدم لا بوقت فلذلك لم يجز التفكر فيما قبل القبل؛ لأنه لا قبل لأول وقت خلقه الله سبحانه، وكذلك لا يجوز التفكر فيما بعد البعد، وما فوق الفوق الذي لا فوق له، وما تحت التحت، وما أشبه ذلك مما لا سبيل إليه إلا الخرص والتوهم والتجويز لتعدي حد العقل، وإثبات ما لا يعقل.
[الكلام في معنى أن الله سبحانه حي قادر عالم وذكر الاختلاف فيها]
وأما كونه سبحانه حيا قادرا عالما:
فاعلم أن للمعتزلة في ذلك أقوالا:
منها: ما وافقوا فيه [قول] المشبهة، وهو إجماعهم معهم على الجملة على أنه لا بد من موجب أوجب كون الباري سبحانه حيا وقادرا وعالما.
ومنها: ما وافقوا فيه قول أئمة العترة، وهو إجماعهم معهم على الجملة على أن الباري سبحانه حي لا بحياة، وقادر لا بقدرة، وعالم لا بعلم.
ومنها: ما اختصوا بابتداعه نحو قولهم: إن لله سبحانه صفة أخص زائدة على ذاته، وإن تلك الصفة موجبة ومقتضية لكونه حيا وقادرا وعالما.
पृष्ठ 65