وأما كون اللفظ غير صحيح فلأجل ذكرهم للجواهر التي يزعمون أنها ثابتة فيما لم يزل، وأن الجسم إذا فني عاد جواهرا، وأن الجوهر جزء لا يتجزأ، وأنه ليس له إلا حد واحد يلاقي به ما جاوره، وأن الجواهر إذا ائتلفت طولا فهي خط، وإذا ائتلفت طولا وعرضا فهي سطح، [وإذا ائتلفت طولا وعرضا وعمقا فهي جسم] وكل هذه الأقوال باطلة، وأسماء مخترصة لغير مسمى.
ومما يدل على ذلك على سبيل الإختصار: تناقض قولين من أقوالهم في الجوهر؛ أحدهما: قولهم إن الجوهر ليس له إلا حد [واحد]، ونقيض ذلك قولهم: إنه يشغل الجهة، وشغل الجهة لا يعقل إلا إذا كانت الجهة محيطة بجوانب ما شغلها، وكل ما أحاطت الجهة بجوانبه وجب أن يكون له ستة حدود وهي: الأمام والخلف واليمين والشمال والفوق والتحت.
والقول الثاني: هو ما زعموا من أن الجواهر تأتلف طولا وذلك مما ينقض قولهم: إنه ليس للجوهر إلا حد واحد، إذ لا يصح ولا يعقل ائتلاف ثلاثة جواهر طولا إلا إذا كان أحدها متوسطا بين اثنين، وتوسطه لا يصح، ولا يعقل إلا إذا كان محادا لهما بحدين، كل ذلك معلوم بيقين لكل من تأمله بعقل صحيح.
पृष्ठ 44