فأما البناء حولها فليس مسجدا مالم يقصد تسبيله للصلاة، وأيضا فقد ورد في قوله تعالى: ((قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا)) [الكهف:21] ولم ينكر القرآن عليهم، ولا يتصور أن يكون في شريعتنا منسوخا بقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))؛ لأن النسخ لما قد شرع لا يكون باللعن عليه، وإنما يرد النسخ بانتهاء بيان الحكمة في ذلك الفعل، فلا يجوز أن يقال: لعنهم الله تعالى لاتخاذهم بيت المقدس أو نحوه قبلة كما ذلك معلوم، فلابد من الجمع بينه وبين ماورد في السنة من اللعن للمتخذين المساجد على القبور.
والجمع في ذلك بأن يقال: المراد بما ورد في القرآن اتخاذ
المسجد حواليهم ومحيطا بهم لاعلى القبور أنفسها، والمراد: ماورد في السنة بناء المساجد عليها أنفسها، ولايقال إن المراد بالذين غلبوا غير المسلمين لأنه لايبني المساجد إلا المسلمون، وهذا واضح لمن عقل وتدبر معاني القرآن والسنة، وعرف الحجة في عمل المسلمين السلف والخلف قبل هذه الطائفة المبتدعة المعادية لأحياء المسلمين وأمواتهم.
[الرد على ما أورده صاحب الرسالة بالتفصيل]
ونتكلم على ما أورده صاحب الرسالة مفصلا بإعانة الله تعالى:
[ذكر بعض الأنواع المحرم فعلها عند القبور، وتمويه صاحب الرسالة في ذلك، والجواب عليه]
قال: فروت عائشة أن أم سلمة ذكرت لرسول الله كنيسة بأرض الحبشة، إلى أن قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ((أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله)).
पृष्ठ 73