============================================================
والصلح من أمير المؤمنين ؛ لأنهم كانوا قد سمعوا بقدومه فأجابهم أمير المؤمنين رضي الله عنه إلى ما سألوا، وكتب لهم كتاب آمان ومصالحة، وضرب عليهم الجزية، واشترط عليهم شروطا ذكرها ابن جرير وغيره، وشهد في الكتاب خالد بن الوليد، وعمرو بن العاصي، وعبد الرحن بن عوف رضي الله عنهم ، ومعاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه - وهو كاتب الكتاب - وذلك في سنة خمس عشرة، ثم كتب لأهل له ومن هناك كتابا آخر، وضرب عليهم الجزية، ودخلوا فيما صالح عليه أهل إيليا، ثم سار من الجابية إلى بيت المقدس، ثم الى المدينة، ولم يدخل دمشق بعد خلافته أصلا.
وقيل : إن فتح بيت المقدس كان في سنة ست عشرة، ورجع من سرع(1) سنة سبع عشرة وقيل : إنه دخل في الثالثة دمشق وحمص، وأنكر الواقدي رحمه الله تعالى ذلك، وقال : لا نعرف أنه دخل دمشق إلا في الجاهلية، فإنه قدم دمشق وهو شاب في تجار من ار قريش، فلما خرجوا منها،، تخلف عمر رضي الله عنه لبعض حاجته، فبينما هر بالبلد؛ إذا هو بيطريق، قأخذ بعنقه، فذهب ينازعه، فلم يقدر، فأدخله دارا فيها تراب وفاس ومجرفة وزنبيل(2)، وقال له : حول هاذا من هلهنا إلى ههنا، وغلق عليه الباب ، وانصرف، فلم يجىء إلى نصف النهار، قال : وجلست مفكرا ولم أفعل مما قال شيئا، فلما جاء.. قال : مالك لم تفعل ما قلت لك؟ ولكمني في راسي بيده، قال: فأخذت الفأس، فضربته به فقتلته، وخرجت على وجهي، فجئت دير راهب، قجلست عنده الى العشي، فأشرف علي ونزل، وادخلني الدير، وأطعمني وسقاني وأتحفني، وجعل يحقق النظر فيي ، وسألني عن أمري، فقلت : إني أضللت أصحابي، فقال : إنك لتنظر بعين خائف، وجعل يتوسمني، ثم قال : لقد علم أهل دين النصرانية أني أعلمهم بكتابهم، واني لأراك الذي تخرجنا من بلادنا هذذه ، فهل لك أن تكتب لي كتاب أمان على ديري هلذا 4 فقلت له: يا هذا؛ لقد ذهبت غير مذهب، فلم يزل بي حتى كتبت له صحيفة ما طلب مني، فلما كان وقت الانصراف. . أعطاني أتان(2)، وقال : اركبها، وإذا وصلت إلى أصحابك.. فابعث بها إلي وحدها، فإنها لا تمر بدير إلا اكرموها حتى تصل الي، ففعلت (1) سرغ : مدينة بالشام افتتحها أبو حبيدة بن الجراح رضي الله عنه ، هي واليرموك والجابية والرمادة متصلة .
(2) الزتيل : المراد به هنا : القفة التي يحمل فيها التراب .
(3) الأتان : أنثى الحمار.
पृष्ठ 176