============================================================
المبحث الأول/ العقيدة الإسلامية بين التنزيه والتجسيم علينا وعليه من سوابغ امتنانه ، وبوآه الفردوس الآغلى من جنانه، موافقة لعقيدة أهل السنة والجماعة من المبالغة التامة في تنزيه الله تعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا من الجهة والجسمية وغيرهما من سائر سمات التقص، بل وعن كل وصف ليس فيه كمال مطلق؛ وما اشتهر بين جهلة المنسوبين إلى هذا الإمام الأغظم المجتهد من أنه قائل بشيء من الجهة أو نحوها فكذب وبهتان وافتراء عليه، فلعن الله من نسب ذلك إليه، شو أو رماه بشيء من هذه المثالب التي براه الله منها؛ وقد بين الحافظ الحجة القدوة الإمام (أبو الفرج ابن الجوزي)(1) من أئمة مذهبه المبرئين من هذه الوصمة القبيحة الشنيعة، أن
.24 كل ما نسب إلئه من ذلك كذب عليه وافتراء وبهتان، وأن نصوصه صريحة في بطلان ذلك وتتزيه الله تعالى عنه (2)، فاعلم ذلك فإنه مهم. وإياك آن تصغي إلى ما في كتب (ابن تيمية) وتلميذه (ابن قيم الجوزية) وغيرهما ممن اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم، وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة، فمن يهديه من بعد الله، وكيف تجاوز هؤلاء الملحدون(2) الحدود، وتعدوا الرسوم، وخرقوا سياج الشريعة والحقيقة، فظنوا بذلك أنهم
(1) في كتابه: "دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه"، فإنه رد فيه ردا قوئا على مجسمة الحنابلة وبرأ الإمام أحمد من هذه الاعتقادات المخالفة للنقل والعقل، وله كتاب آخر في ذلك أيضا سماه: "ا أخبار الصفات).
(2) وأوضح دليل على ذلك ما تقله إمام الحنابلة في بغداد ورثيسهم أبو الفضل التميمي عن الإمام أحمد، أنه: "أنكر على من يقول بالجسم...". وقد مر آتفا فانظره فإنه مهم في الرد على من ينتسب إلى هذا الإمام المبجل زورا وبهتايا ويقول بالتجسيم في حق الله تعالى عن ذلك غلوا كبيرا.
(3) وصفهم بالإلحاد لأن اعتقاد الجسمية في حق الله تعالى تخال لعقيدة التوحيد بالله، فالمجسم الذي يتخيل الله جسما جالسا على العرش مثله كمثل عابد الوثن، بل إن عابد الوئن أفضل حال منه، إذ إنه عبد وثنا وشاهده بينما مجسمة الحشوية يعبدون وثنا متخيلا لا وجود له إلا في أذهانهم وأفكارهم!!! هذا، وقد نقل العلامة الفقيه ابن حجر الهيتمي في غير هذا الكتاب تكفير أثمة أهل السنة للقاثلين بالجهة والتجسيم في حق الله تعالى ووافقهم على ذلك، فقال في "المنهاج القويم على المقدمة الحضرمية" (ص/144): "واعلم أن (القرافي) وغيره حكوا عن (الشافعي) و(مالك) و(أحمد) و(أبي حنيفة) القول بكفر القائلين بالجهة والتجسيم وهم
पृष्ठ 80