============================================================
مقدمة المحقق) هدف الكتاب فأقول: وكما لم يشتغلوا بالتأويل لم يشتغلوا بالتشبيه والتمثيل".
وقال أيضا (ص/175): "ومثالك مثال رجل يقول: إن الصحابة كانوا إذا أرادوا أن يقصدوا مكة لا يدخلون الكوفة، لأنهالم تكن على طريقهم، لأن مقصدهم حضور عرفات لا لأن دخول الكوفة بدعة؛ فكذلك ها هنا إن كانوا تركوا التأويل(1) ما تركوه لكونه محظورا، وإنما تركوه لأن هذه الشبه والبدع التي ظهرت في هذا الوقت لم تكن في ذلك الوقت تفتقر إلى التأويل؛ بخلاف هذا الوقت، فإن البدع فيه قد ظهرت والشبه فيه قد انتشرت، فتحتاج فيه إلى التأويل لدحض شبهة التشبيه والتعطيل".
وقال أيضا (ص/176): "والمريض من هو الآن في هذا الزمان؟ المرض: التشبيه والتعطيل. والدواء: التفسير والتأويل".
وقال أيضا (ص/ 177): "ثم أقول: وكيف يمكن أن يقال: إن السلف ما استعملوا التأويل؟ وقدورد في الصحيح عن سيد الكؤنين: أنه قدم له ابن عباس وضوءه، فقال: "من فعل هذا؟". قلت: أنا يا رسول الله. فقال: "اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل"(2).
فلا يخلو إما أن يكون الرسول أراد أن يدعو له أو عليه. فلا بد أن تقول: أراد الدعاء له لا دعاء عليه. ولو كان التأويل محظورا لكان هذا دعاء عليه لا له. ثم أقول: لا يخلو إما أن تقول: إن دعاء الرسول ليس مستجابا، فليس بصحيح. وإن قلت: إنه مستجاب، فقد تركت مذهبك وبطل قولك: إنهم كانوا لا يقولون بالتأويل. وكيف والله يقول: وما يقلم تأويله " إلا الله وألراسخون فى العلو)" .
وبهذا يتبين لنا أن الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى لم يغير مذهبه من التثزيه إلى التجسيم وإثبات الجوارح والأعضاء لله تعالى عن قولهم.
(1) لم يترك الصحابة التأويل أصلا كي يقال هذا الكلام، وما جاء عن الصحابي الجليل ابن عباس خير شاهد على آنهم لم يتركوه.
(2) سيأتي تخريجه لاحقا (ص /122، 172).
पृष्ठ 20