المباينة بين الخل والمسكر فحكمك على المسكر بالنفي أو الإِثبات لا يتعدّى إلى الخل البتة.
الشرط الثاني: أن تكون المقدمة الثانية عامة حتى يدخل بسبب عمومها المحكوم عليه فيه، فإنك لو قلت كل سفرجل مطعوم وبعض المطعوم ربوي لم يلزم منه كون السفرجل ربويًا، إذ ليس من ضرورة الحكم على بعض المطعوم أن يتناول السفرجل بل ربما كان الربوي بعضًا ًاخر، نعم إذا قلت وكل مطعوم ربوي لزم حكم الربا في السفرجل، ولكن يحتاجِ إلى إثبات المقدمة بعموم قوله " لا تبيعوا الطعام بالطعام " أو بمدرك آخر، وسنذكر مدارك المقدمات في الطرف الثاني من هذا الفن، فإن قلت بماذا فارق هذا النظم النظمين بعده فاعلم أن العلة إما أن توضع بحيث تكون حكمًا في المقدمتين أو محكومًا عليه في المقدمتين أو توضع بحيث تكون حكمًا في إحدى المقدمتين محكومًا عليه في الأخرى وهذا الآخر هو النظم الأول، وهو الأوضح، فإن الثاني والثالث لا يتضح غاية الاتضاح بالبرهان المحقق إلا بالرد إليه فلذلك قدّمته وسقيته النظم الأول الأوضح.
النظم الثاني: من نظم القياس أن تكون العلة، أعني المعنى المتكرر في المقدمتين حكمًا في المقدمتين، أعني أن يكون خبرًا فيهما ولا يكون مبتدأ في أحدهما خبرًا في الآخر، ولا مبتدأً فيهما جميعًا، مثاله قولنا إن الباري تعالى ليس بجسم لأن الباري ليس بمؤلف وكل جسم مؤلف فالباري ليس بجسم، فها هنا ثلاثة معان الباري والمؤلف والجسم والمتكرر في المقدمتين هو المؤلف فهو العلّة وتراه خبرًا في المقدمتين غير مبتدأ به بخلاف المسكر في النظم الأول، إذ كان خبرًا في إحداهما مبتدأً في الأخرى ووجه لزومه النتيجة يمكن تفهيمه مجملًا ومفصلًا ومحققًا. أما المجمل فهو أن كل شيئين ثبت لأحدهما ما انتفى عن الآخر ولا يكون بينهما التقاء واتصال لا يجوز أن يخبر بأحدهما عن الآخر، فالتأليف ثابت للجسم ومنفي عن الباري، فلا يكون بين معنى الجسم والباري التقاء، فلا يقال الباري
1 / 223