295

كأنه قيل : يا بني العبد الصالح المطيع لله ، كونوا مثل أبيكم ، كما تقول : يا ابن الكريم ، افعل كذا ، ويا ابن العالم ، اطلب العلم ، ( اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ) قال ابن جرير : نعمه التي أنعم بها على بني إسرائيل : اصطفاؤه منهم الرسل ، وإنزاله عليهم الكتب ، واستنقاذه إياهم مما كانوا فيه من البلاء والضراء من فرعون وقومه ، إلى التمكين لهم في الأرض ، وتفجير عيون الماء من الحجر ، وإطعام المن والسلوى. فأمر ، جل ثناؤه ، أعقابهم أن يكون ما سلف منه إلى آبائهم على ذكر ، وأن لا ينسوا صنيعه إلى أسلافهم وآبائهم ، فيحل بهم من النقم ، ما أحل بمن نسي نعمه عنده منهم وكفرها ، وجحد صنائعه عنده. ( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون ) العهد هو الميثاق ، وقد أشير إليه في قوله تعالى : ( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا ، وقال الله إني معكم ، لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) [المائدة : 12] ، الآية. فعهد الله هو وصيته لهم ، بما ذكر في الآية. ومنها : الإيمان برسله المتناول لخاتمهم عليه السلام ، لأنهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة. وعهده تعالى إياهم ، هو أنهم إذا فعلوا ذلك أدخلهم الجنة ، وقوله تعالى : ( وإياي فارهبون ) قال ابن جرير : أي اخشوني واتقوا ، أيها المضيعون عهدي من بني إسرائيل ، والمكذبون رسولي الذي أخذت ميثاقكم فيما أنزلت على أنبيائي أن تؤمنوا به وتتبعوه ، أن أحل بكم من عقوبتي إن لم تتوبوا إلي باتباعه والإقرار بما أنزلت إليه ، ما أحللت بمن خالف أمري ، وكذب رسلي من أسلافكم.

** القول في تأويل قوله تعالى :

* (وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي)

* ثمنا قليلا وإياي فاتقون) (41)

( وآمنوا بما أنزلت ) أي من القرآن ( مصدقا لما معكم ) أي موافقا بالتوحيد ، وصفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته ، وبعض الشرائع ، لما معكم من الكتاب كما في التنوير قال ابن جرير : أمرهم بالتصديق بالقرآن ، وأخبرهم أن في تصديقهم بالقرآن تصديقا منهم للتوراة ، لأن الذي في القرآن من الأمر بالإقرار بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وتصديقه واتباعه ، نظير الذي من ذلك في الإنجيل والتوراة. ففي تصديقهم بما أنزل على محمد ، تصديق منهم لما معهم من التوراة. وفي تكذيبهم به تكذيب منهم لما

पृष्ठ 298