294

الملحدة المبتدعين. والكتاب والسنة يرد هذا القول. وقد استوفى الكلام فيها في «مفتاح دار السعادة» وكتاب «حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح».

الفائدة الثانية : اتفق الناس أن الشيطان كان متوليا إغواء آدم. واختلف في الكيفية. فقال ابن مسعود وابن عباس وجمهور العلماء : أغواهما مشافهة ، ودليل ذلك قوله : ( هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى ) [طه : 120] ، وقوله : ( ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ) [الأعراف : 20] ، ومقاسمته لهما ( إني لكما لمن الناصحين ) [الأعراف : 21]. والمقاسمة ظاهرها المشافهة ، ومنهم من قال : كان ذلك بالوسوسة ، كما قال : ( فوسوس لهما الشيطان ) [الأعراف : 20] ، فإغواؤه إغراؤه بوسواسه وسلطانه الذي جعل له ، كما قال صلى الله عليه وسلم : «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» (1).

وزعموا أن الشيطان لم يدخل الجنة إلى آدم بعد ما أخرج منها. والوسوسة ، لغة ، حديث النفس والأفكار. وحديث الشيطان بما لا نفع فيه ولا خير ، والكلام الخفي. وظاهر الآيات يؤيد القول الأول.

الفائدة الثالثة : لم يسم الشيطان في الآية ، إذ لا حاجة ماسة إلى اسمه ، كما تقدم في الشجرة.

ولما قدم الله تعالى دعوة الناس عموما ، وذكر مبدأهم دعا بني إسرائيل خصوصا ، وهم اليهود ، لأنهم كانوا أولى الناس بالإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم ، لأنهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة ، وقد جرى الكلام معهم (من هنا إلى الآية رقم 142) فتارة دعاهم بالملاطفة ، وذكر الإنعام عليهم وعلى آبائهم. وتارة بالتخويف ، وتارة بإقامة الحجة وتوبيخهم على سوء أعمالهم ، وذكر عقوباتهم التي عاقبهم بها ، كما سيأتي تفصيله ، فقال تعالى :

** القول في تأويل قوله تعالى :

( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي @QUR@ فارهبون

( يا بني إسرائيل ) أي أولاد يعقوب. وقد هيجهم تعالى بذكر أبيهم إسرائيل ،

पृष्ठ 297