============================================================
1288مفاتيح الاسرار ومصابيح الابرار وقال قائلون: إنما أكلا على جهة التأويل والاجتهاد، ظنا بأن التحريم في شجرة بعينها من الجنس دون الجنس، وما أكلا منها لكن أكلا من جنسها ومثلها، وكان النهي من الجنس، وكان ذلك الاجتهاد من عمل الشيطان حيث دلاهما بغرور. ثم إنما عوتب على ذلك، لتركه التحفظ فى الاجتهاد والاغترار بقول الشيطان، ولا اجتهاد مع ورود النص بخلافه.
وقال قوم: إنه حمل النهي على التنزيه وترك الحزم والاحتياط. وقال قوم: إنماكانت تلك المعصية قبل النبوة، ولا يمتنع أن يكون أقدم عليها بضرب من التأويل؛ فإن المؤمن لن يقصد إلى مخالفة الله إلا بضرب من التأويل، ولا يتورط في الزلة إلا خائفا من الله أو غير ذاكر له سبحانه؛ وقولهعز وجل: (افبطوا منها) لم يكن عقوبة له، بل كان تأديبا وزجرا وتمحيصا.
الاسرار قال المتطلع للأسرار المتبع للأبرار: إن رؤية الحكمين وحكم الكونين ينجي من هذه المحارات؛ ولو وقف المفسرون على سر الكونين عرفوا أن الذين قالوا في الجنة التي سكنها آدم -عليه السلام - أنها بستان في الدنيا صحيح؛ وإذكان هو مخلوقا من أديم الأرض موضوعا بين مكة والطائف، وحين خلقه قال الله تعالى للملائكة: (إني جاعل في الأزض) -125آ- (إني خالق بشرأ من طين فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعواله ساجدين )؛ وكان أيضا مسجودا في الأرض، ولم يرد أنه رفعه الله إلى السماء فأدخله الجنة، بل قال له: "اشكن أنت وزوجك الجنة). فإذكان هو شخصا مستأنفأ كانت له الجنة في الدنيا جتة مستأنفة؛ وإذكانت خلقته من تراب كان رزقه وغذاؤه من التراب، والشجرة المنهي عنها تكون أيضا شجرة مستأنفة، إما خبيثة قدنزه فطرة آدم عنهاء فنهى عن الأكل من ثمرتها، وإما طيبة في كمال لم تصلح غذاء للأطفال.
والذين قالوا إنها جنة في السماء السابعة فهو أيضا صحيح إشارة منهم إلى الجنة المفروغا عنها، المنمرة اشجارها، المدركة نمارها، الدانية قطوفها، المتدلية أغصانها، الجارية نهارها. ماؤها غير اسن، ولبنها غير متغير، وخمرها لذة للشاربين، لا فيها غول ولاهم عنها ليتهنل
पृष्ठ 354