============================================================
تقير سورة البفرة/229 والاضلال، وكذلك ما هو واقع في القدر بالمقصود والذات، وما هو وافع بالتبع والعرض، وما هو معلل بعلة، وما هو غير معلل. ثم الحاكم بهذه الأحكام حاكم الشريعة حتى يطلب التسليم فقط من غير طلب العلة في كل شيء أو حاكم القيامة حتى يطلب البصيرة ويطلب العلة في كل شيء؛ وهذه أمور لايهتدي إلى أبوابها إلا الهادون المهديون بكتاب الله علىا صراط الله؛ فقوله تعالى: (يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا) إشارة إلى حكم المفروغ، وقوله: (وما يضل به إلا الفاسقين) إشارة إلى حكم المستأنف وكلا الحكمين حق: والحكم بأحدهما دون الثاني باطل؛ وقد عرفت أن المفروغ يظهر بالمستأنف وأن المستأنف يصدر من المفروغ؛ ويطل قول فريقي الجبر والقدر والاجبار والتفويض؛ فعلى حكم: أضلهم ففسقوا؛ وعلى حكم: فسقوا فأضلهم. فسق صدر عن إضلال، وإضلال صدر عن فسق. هذا تقرير الحكمين في الآية.
وأما تقرير العموم والخصوص فبيتا أن القرآن كما هو هدى للناس على العموم فهوهدى لمتقين على الخصوص؛ وإذاكان هذى لقوم مخصوصين صار ضلالا لقوم مخصوصين وهم الفاسقون. -98آ- فصدقت القسمة (يضل به كثيرا ويفدي به كثيرأ" وصارت الهداية خاصة بالمتفين والضلال خاصا بالفاسقين. فحكم العموم فيه غير وحكم الخصوص فيه غير. لكن إنما يتبين ذلك بتقرير ما هو الواقع بالمقصود والذات، وما هو الواقع بالتبع والعرض. فيقول: إن وضع التنزيل وتبليغ الرسالة لأجل الهداية، فهو المقصود الأصلي ل والحكمة الغائية والعلة الكمالية، كما أن وضع إشراق الشمس هو الإضاءة وجعل النهار مصرا ليبتغوا من فضل الله ويسرحوا في أرضه، ويطلبوا من رزقه، لنيل العاجل من دنياهم ودرك الآجل من أخراهم، ليصلح سرائرهم ويبلو أخبارهم. ثم إن كان بعين واحد رمد من حيت الصورة، فاستضر بضوء الشمس، فأضاف الضرر إلى الشمس فلعنها، أوكان بعين واحد رمد من حبث المعنى فاستكثر ضوءها، فأضاف الكون إليها، فعبدها، وكلا الفريقين على باطل من تفصير وغلو وتفربط وافراط. فإنما وقع ذلك غير مقصود من تكوير الشمس وتنويرها ولا أن الشمس خلقت لها بالذات، كذلك الفريقان في إضافة الهدى والضلال إلى الفرقان على غلو وتقصير وإفراط وتفريط. فواحد أعمى والتاني اصم: (ومن كان في هذو ليتهنل
पृष्ठ 295