وقد ورد في الخبر عن خير البشر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن الله تعالى يقول: يا عبدي حرك يدك، أنزل عليك الرزق))، وكون حركة العبد من الله تعالى لا ينافي طلبها منه، كيف وهو مأمور بها، وحقيقة الأمر الطلب على ما حقق في موضعه.
ومن هنا اتضح وجه الإشكال في جواب المسألة القائلة: لو قال رجل: الرزق من الله تعالى، ولكن از بنده جنبش خواهد، وهذا(1) شرك.
وتعليله الذي ذكره صاحب ((الخلاصة))(2): بقوله؛ لأن حركة العبد أيضا من الله تعالى لا يقال: إنما قال: هذا شرك؛ لأن القول باستعانة الله بالعبد المفهوم من الكلام المرقوم تشريكه(3) لله في الخلق؛ لأنا نقول: قد عرفت فيما سبق أن له محملا آخر لا خلل فيه أصلا، والأصل فيما له وجوه: أحدها إلى الصواب: [أن](4) لا يقدم على التخطئة فضلا عن التكفير، ثم إن التعليل موجبه الخطأ، لا الشرك.
وإياك أن تتوهم أن الأمر الوارد في قوله تعالى: {فتوكلوا على الله} بالتوكل الذي مرجعه إلى كلة(5) الأمر كله إلى مالكه، والتعويل على وكالته يستلزم النهي عن التوسل بالكسب وأسبابه؛ لأن التوكل إسقاط الأسباب عن حيز الاعتداد بها والاعتماد عليها، والاستظهار بادخار الذخائر لا إسقاطها عن حيز الإمداد على الوجه المعتاد.
पृष्ठ 11