الْمُحَقَّرَاتِ الَّتِي لَا يُعْتَادُ فِيهَا إلَّا الْمُعَاطَاةُ، وَطَالِبُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ يُعَدُّ مُسْتَقْصِيًا، وَيُسْتَبْرَدُ تَكْلِيفُهُ لِذَلِكَ، وَيُسْتَثْقَلُ، وَيُنْسَبُ إلَى أَنَّهُ يُقِيمُ الْوَزْنَ لِأَمْرٍ حَقِيرٍ لَا وَجْهَ لَهُ فَهُوَ طَرَفُ الْحَقَارَةِ.
الطَّرَفُ الثَّانِي: لِلدَّوَابِّ، وَالْعَبِيدِ، وَالْعَقَارَاتِ، وَالثِّيَابِ النَّفِيسَةِ فَذَلِكَ مِمَّا لَا يُسْتَبْعَدُ تَكَلُّفُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِيهَا، وَبَيْنَهُمَا، أَوْسَاطٌ مُتَشَابِهَةٌ يُشَكُّ فِيهَا هِيَ مَحَلُّ الشُّبْهَةِ فَحَقُّ ذِي الدِّينِ أَنْ يَمِيلَ فِيهَا إلَى الِاحْتِيَاطِ، وَجَمِيعِ ضَوَابِطِ الشَّرْعِ فِيمَا يُعْلَمُ بِالْعَادَةِ كَذَلِكَ يَنْقَسِمُ إلَى أَطْرَافٍ وَاضِحَةٍ، وَأَوْسَاطٍ مُشْكَلَةٍ.
وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ طَلَبُ سَبَبٍ لِنَقْلِ الْمِلْكِ فَهُوَ: أَنْ يُجْعَلَ الْفِعْلُ بِالْيَدِ أَخْذًا، وَتَسْلِيمًا سَبَبًا إذْ اللَّفْظُ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا لَعَيْنِهِ بَلْ لِدَلَالَتِهِ، وَهَذَا الْفِعْلُ قَدْ دَلَّ عَلَى مَقْصُودِ الْبَيْعِ دَلَالَةً مُسْتَمِرَّةً فِي الْعَادَةِ، وَانْضَمَّ إلَيْهِ مَسِيسُ الْحَاجَةِ، وَعَادَةُ الْأَوَّلِينَ، وَاطِّرَادُ جَمِيعِ الْعَادَاتِ بِقَبُولِ الْهَدَايَا مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ، وَقَبُولٍ مَعَ التَّصَرُّفِ فِيهَا، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ عِوَضٌ، أَوْ لَا يَكُونُ إذْ الْمِلْكُ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهِ فِي الْهِبَةِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ الْعَادَةَ السَّالِفَةَ لَمْ تُفَرِّقْ فِي الْهَدَايَا بَيْنَ الْحَقِيرِ، وَالنَّفِيسِ بَلْ كَانَ طَلَبُ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ يُسْتَقْبَحُ فِيهِ كَيْفَ كَانَ، وَفِي الْبَيْعِ لَمْ يُسْتَقْبَحْ فِي غَيْرِ الْمُحَقَّرَاتِ هَذَا مَا نَرَاهُ أَعْدَلَ الِاحْتِمَالَاتِ، وَحَقُّ الْوَرِعِ الْمُتَدَيِّنِ أَلَّا يَدَعَ الْإِيجَابَ، وَالْقَبُولَ لِلْخُرُوجِ عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ فَإِنْ قُلْت فَإِنْ أَمْكَنَ هَذَا فِيمَا يَشْتَرِيهِ فَكَيْفَ يَفْعَلُ إذَا حَضَرَ فِي
1 / 62