فِيهِ نَقْلُ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ دَالٍّ عَلَيْهِ.
وَقَدْ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ، وَالْبَيْعُ اسْمٌ لِلْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ فَلَمْ يَجُزْ، وَلَمْ يَنْطَلِقْ اسْمُ الْبَيْعِ عَلَى مُجَرَّدِ فِعْلٍ بِتَسْلِيمٍ، وَفِيمَا ذَا يُحْكَمُ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَا سِيَّمَا فِي الْجَوَارِي، وَالْعَبِيدِ، وَالْعَقَارَاتِ، وَالدَّوَابِّ النَّفِيسَةِ، وَمَا يَكْثُرُ التَّنَازُعُ فِيهَا.
الِاحْتِمَالُ الثَّانِي: أَنْ يُسَدَّ الْبَابُ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ بُطْلَانِ الْعَقْدِ، وَفِيهِ إشْكَالٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْمُحَقَّرَاتِ مُعْتَادًا فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ، وَلَوْ كَانُوا يُكَلَّفُونَ الْإِيجَابَ، وَالْقَبُولَ مَعَ الْبَقَّالِ، وَالْخَبَّازِ، وَالْقَصَّابِ لَثَقُلَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِعْلُهُ فَإِنَّ الْأَعْصَارَ فِي ذَلِكَ تَتَقَارَبُ.
الثَّانِي أَنَّ النَّاسَ الْآنَ قَدْ انْهَمَكُوا فِيهِ فَلَا يَشْتَرِي الْإِنْسَانُ شَيْئًا مِنْ الْأَطْعِمَةِ، وَغَيْرِهَا إلَّا، وَيَعْلَمُ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ يَمْلِكُهُ بِالْمُعَاطَاةِ، وَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَلَفُّظِهِ بِالْعَقْدِ إذْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ.
الِاحْتِمَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ الْمُحَقَّرَاتِ، وَغَيْرِهَا كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَعْسُرُ الضَّبْطُ فِي الْمُحَقَّرَاتِ، وَيَشْكُلُ.
وَجْهُ نَقْلِ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَقَدْ ذَهَبَ ابْنُ شُرَيْحٍ إلَى تَخْرِيجِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ عَلَى وَفْقِهِ، وَهُوَ أَقْرَبُ الِاحْتِمَالَاتِ إلَى الِاعْتِدَالِ فَلَا بَأْسَ لَوْ مِلْنَا إلَيْهِ لِمَسِيسِ الْحَاجَاتِ، وَلِعُمُومِ ذَلِكَ بَيْنَ الْخَلْقِ، وَلِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ فَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ مُعْتَادًا فِي الْأَعْصَارِ الْأُولَى، فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ الْإِشْكَالَيْنِ فَهُوَ أَنْ نَقُولَ أَمَّا الضَّبْطُ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الْمُحَقَّرَاتِ، وَغَيْرِهَا فَلَيْسَ عَلَيْنَا تَكَلُّفُهُ بِالتَّقْدِيرِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ بَلْ لَهُ طَرَفَانِ وَاضِحَانِ إذْ لَا يَخْفَى شِرَاءُ الْبَقْلِ، وَقَلِيلٍ مِنْ الْفَوَاكِهِ، وَاللَّحْمِ، وَالْخُبْزِ فِي الْمَعْدُودِ مِنْ
1 / 61