मअहिद तनसीस
معاهدة التنصيص
अन्वेषक
محمد محيي الدين عبد الحميد
प्रकाशक
عالم الكتب
प्रकाशक स्थान
بيروت
وَلما رَجَعَ المعري إِلَى بَلَده لزم بَيته وَسمي نَفسه رهين المحبسين يَعْنِي حبس نَفسه فِي منزله وَحبس بَصَره بالعمى
وَكَانَ عجيبا فِي الذكاء المفرط والحافظة ذكر تِلْمِيذه أَبُو زَكَرِيَّا التبريزي أَنه كَانَ قَاعِدا فِي مَسْجده بمعرة النُّعْمَان بَين يَدي أبي الْعَلَاء يقْرَأ شَيْئا من تصانيفه قَالَ وَكنت قد أَقمت عِنْده سِنِين وَلم أر أحدا من أهل بلدي فَدخل الْمَسْجِد بعض جيراننا للصَّلَاة فرأيته فعرفته وتغيرت من الْفَرح فَقَالَ لي أَبُو الْعَلَاء أَي شَيْء أَصَابَك فحكيت لَهُ أَنِّي رَأَيْت جارًا لي بعد أَن لم ألق أحدا من أهل بلدي سِنِين فَقَالَ لي قُم فَكَلمهُ فَقلت حَتَّى أتمم النسق فَقَالَ لي قُم وَأَنا انْتظر لَك فَقُمْت وكلمته بِلِسَان الأذربيجانية شَيْئا كثيرا إِلَى أَن سَأَلت عَن كل مَا أردْت فَلَمَّا رجعت وَقَعَدت بَين يَدَيْهِ قَالَ لي أَي لِسَان هَذَا قلت هَذَا لِسَان أذربيجان فَقَالَ لي مَا عرفت اللِّسَان وَلَا فهمته غير أَنِّي حفظت مَا قلتما ثمَّ أعَاد عَليّ اللَّفْظ بِعَيْنِه من غير أَن ينقص مِنْهُ أَو يزِيد عَلَيْهِ بل جَمِيع مَا قلت وَمَا قَالَ جاري فتعجبت غَايَة الْعجب من كَونه حفظ مَا لم يفهمهُ
وَلِلنَّاسِ حكايات يضعونها فِي عجائب ذكائه وَهِي مَشْهُورَة وغالبها مُسْتَحِيل وَكَانَ قد رَحل أَولا إِلَى طرابلس وَكَانَ بهَا خَزَائِن كتب مَوْقُوفَة فَأخذ مِنْهَا مَا أَخذ من الْعلم واجتاز باللاذقية وَنزل ديرًا كَانَ بِهِ رَاهِب لَهُ علم بأقاويل الفلاسفة فَسمع كَلَامه فَحصل لَهُ شكوك وَكَانَ إطلاعه على اللُّغَة وشواهدها أمرا باهرًا
وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ فِي أمره وَالْأَكْثَرُونَ على إلحاده وإكفاره وَأورد لَهُ الرَّازِيّ فِي الْأَرْبَعين قَوْله
(قُلْتُمْ لنَا صَانعٌ قَديم ... قُلنا صَدقتمْ كَذَا تَقولُ)
(ثُمَّ زَعمتمْ بِلاَ مَكانٍ ... وَلاَ زَمانِ أَلاَ فقَولوا)
1 / 138