وقال بشامة بن الغدير يصف ناقة أجدها السير:
كأن يديها إذا أرقلت ... وقد حرن ثم اهتدين السبيلا
يدا سابح جد في عومه ... وقد شارف الموت إلا قليلا
إذا أقبلت قلت مشحونة ... أطاعت لها الريح قلعا جفولا
إذا أدبرت قلت مذعورة ... من الربد تتبع هيقا ذمولا
وقال مسلم بن الوليد:
إلى الأمام تهادانا بأرجلنا ... خلق من الريح في أشباح ظلمان
كأن افلاتها والدهر يأخذها ... افلات صادرة عن قوس مرنان
وقال آخر وهو ابن المعتز:
خوص نواج إذا حث الحداة بها ... حسبت أرجلها قدام أيديها
وقال ابن المعتز:
وقفت بها عيشا تطير بزجرها ... ويأمرها وهي الزمام فترفل
طلوب برجليها يديها كما اقتضت ... يد الخصم حقا عند آخر بطل
والطريف المطبوع قول من قال من أبيات:
فسلي البيداء عن رجل ... يخصم الريح بثعبان
يريد بالريح الناقة وبالثعبان الزمام، ومن وصفها عقيب السير والسرى وقطعها البيداء ارقالا ونفحا في البر، قال سالم الخاسر من أبيات:
وكأنهن من الكلال أهلة ... أو مثلهن عواطف الأقواس
قود طواها ما طوت من مهمه ... نأى الصبا ومناهج ادراس
وقال أبو تمام حبيب بن آوس الطائي:
وبدلها السرى بالجهل حلما ... وقد أديمها قد الأديم
بدت كالبدر في ليل بهيم ... وآبت مثر عرجون قديم
مما وصف من ضمورها قول الخطيم الجزري وأجاد كل الإجادة وقال:
قد خمرت كأنها وخينها ... وشاء عروس حال منها على خصر
وقال ابن دريد في مقصورته:
خوص كأشباح الحنايا ضمر ... يرعفن بالأمشاج من جذب البرا
يرسبن في بحر الدجى وفي الضحى ... يطفون في الآل إذا الآل طفا
وقال عبد الله بن المعتز:
ترنو بناظرة كأن حجابها ... وقب أناف بشاهق لم يحلل
وكأن مسقطها إذا ما غرست ... أثار مسقط ساجد متبتل
وكأن آثار النسوع بدمها ... مسرى الأساود في كثيب اهيل
ويشد حاديها بحبل كامل ... كعسيب نخل خوصه لم ينخل
وعلى أثر ذكر السقط والمتبرك، فأحسن ما وقع في ذلك:
إذا بركت جرت على نقيانها ... مجافيه صلبا كقنطرة الجسر
كأن يديها حين تجري صفورها ... طريدان والرجلان كالبتا وفر
وعلى اثر ذكر الذئب فما أحسن ما وصفه أبو نؤاس حيث قال:
تثني على الحاذين ذا خصل ... تعماله الشذران والخطر
أما إذا رفعته شامذة ... فتقول رنق فوقها نسر
أما إذا وضعته خافضة ... فتقول أرخي خلفها ستر
وقد تطرق الشريف البياضي في قوله:
نوق ترها كالسفي ... ن إذا رأيت الآل بحرا
كتب الوجا بدمائها ... في مهرق البيداء سطرا
لا يشتكين من اللغوب ... إذا لا يعرفن زجرا
وير من سبق ظلالهن ... إذا المطي حسرا
فكأن أرجلهن تط ... لب عند أيديهن وترا
القول في طبائع البقر
قال أصحاب الكلام في طبائع الحيوان: الفحل من هذا النوع ينزو إذا تمت له سنة من عمره، وهو الغالب، وقد ينزو لعشرة أشهر، وهو كثير المني، ومتى توقدت شهوته ولم يخص لم يذل قبل ولم يستكن، ولم يصح جسمه، والبقرة إذا ولدت تحدر لبنها من يومها ولا يوجد لها لبن قبل أن تضع، وكل إناث الحيوان أرق صوتا وأحد من ذكورها إلا البقر، فإن الأنثى أفخم وأجهر من الذكر، وقرونها أقوى، وهي تقلق لضرب الذكر، وتمشي تحته ولا سيما إذا أخطأ المجرى لصلابة ذكره، وهي إذا اشتاقت إلى السفاد تصعب وتنفر حتى لا يقوى الرعاة عليها، وتركب الذكور وتقف بين أيديها، وإذا نزى عليها بقيت عشرين يوما، وطلبت النزو مرة أخرى وهي تحمل تسعة أشهر، وضع في العاشر، فإن وضعت قبل هذا الوقت لا يعيش ولدها وربما وضعت اثنين، وإذا مات ولدها أو ذبح لا يسكن خوارها، ولا يدر لبنها ولذلك:
1 / 58