ويلحق بهذا النوع غزال المسك ولونه أسود ويشبه ما تقدم في القد، ودقة القوائم وافتراق الأظلاف، وانتصاب القرون، وانعطافها غير أن لكل واحد منها نابين خفيفين أبيضين خارجين من فيه في فكه الأسفل قائمين في وجهه كنابي الخنزير كل واحد منهما دون الفتر على هيئة ناب الفيل ويكون بالتبت وبالهند، ويقال أن الغزلان تسافر من التبت إلى اهند بعد أن يرعى من حشيش التبت وهو غير طيب فيلقى ذلك المسك بالهند فيكون رديئًا، وترعى حشيش الهند الطيب ويعقد منه مسكًا، وتأتي بلاد التبت فتلقيه فيكون جيدًا، والمسك فضل دموي يجتمع من جسدها إلى سررها في وقت من السنة معروف بمنزلة المواد التي تنصب إلى الأعضاء، وهذه السرر جعلها الله تعالى معدنًا للمسك فهي تثمره كل سنة بمنزلة الشجرة التي تؤتي أكلها كل حين فإذا حصل هذا الدم في السرر ورمت وعظمت فتمرض لها الظبي وتألم حتى تتكامل فإذا بلغ حكته بأظلافها وتمرغت في التراب فتسقط في تلك المفاوز والبرار فيخرج الجلابون فيأخذونه ويقال أن أهل التبت يضربون لها أوتادًا في البرية تحك بها إذا المتها السرر فتنقطع، وتسقط، فإذا سقطت عن الظبي كان في ذلك إقامته وصحته، فانتشرت حينئذ في المراعي.. وورد الماء، ومنها ما يموت لشدة ألمه.
الوصف والتشبيه
قد ينبغي أن نعلم أن هذا قليل جدًا لأن الشعراء نقلوا محاسن الغزال إلى الغزل، وشرحوا بها حال من جذبه الحل وهزل، والصفة التي يصفون بها الظبي، وصفوا بها الجارية والغلام، وصرفوا الحقيقة إلى المجاز فيما أرادوه من الكلام.
قال بعضهم:
فما معزل تعطو بجيد كأنه ... عان بأيدي الصارمين صقيل
هضيم الحشى مغضوضة الطرف ... عالها بذات الأراك مرتع ومقيل
إذا نظرت من نحو أو تفرست ... دعاها أحمر المقلتين كحيل
بأحسن منها حين قالت صرمتنا ... وأنت صروم للحبال وصول
وقال ذو الرمة وذكر محبوبته:
ذكرتك إن مرت بنا أم شادن ... أمام المطايا تشرأب وتسنح
من المؤلفات الرمل أدماء صرة ... شعاع الضحى في متنها يتوضح
هي الشبه أعطافًا وجيدًا ومقلة ... ومية أبهى بعد منها وأملح وقال أبو الطيب المتنبي من طردية وذكر منزلًا للصيد:
ومنزل ليس لها بمنزل ... ولا لغير العاديات الهطل
بذي الخزمي ذفر القرنفل ... محلل ملحوش لم يحلل
عن لنا فيه مراعي معزل ... محين النفس بعيد الموئل
أعناه حسن الجيد عن لبس الحلي ... وعاده العري عن التفضل
كأنه مضمخ. . . . بصندل ... معترضا بمثل قرن الأيل
وقال آخر:
وحالية بالحسن والجيد عاطل ... ومكحولة العينين لم تكتحل قط
على رأسها من قرنها الجعد وفرة ... وفي خدها من صدغها شاهد سبط
تجللها من غبرة الجلد فروة ... وتجمعها من بيض أباطها مرط
وقد أدمجت بالشحم حتى كأنما ... ملأتها من فرط ما اندمجت قمط
القول في طبائع الأرنب
1 / 46